الطوسة لـ"اقتصادكم": الاعتراف الإسرائيلي بمغربية الصحراء ضوء أخضر لتدفق الاستثمارات العالمية وتعميق لعزلة الجزائر

التحليل والرأي - 18-07-2023

الطوسة لـ"اقتصادكم": الاعتراف الإسرائيلي بمغربية الصحراء ضوء أخضر لتدفق الاستثمارات العالمية وتعميق لعزلة الجزائر

اقتصادكم

 


سلط الإعلامي والمحلل السياسي مصطفى الطوسة الضوء على جوانب مهمة من تداعيات الإعلان الإسرائيلي الأخير بالاعتراف بمغربية الصحراء، وكشف في حوار مع "اقتصادكم"، عن تأثير هذه الخطوة على مسار ملف الصحراء المغربية، وتدفقات الاستثمارات على الأقاليم الجنوبية، وكذا على موازان القوى في المنطقة، خصوصا لدى الجانبين الجزائري والفرنسي. فيما يلي نص الحوار: 

ما هي ظروف وملابسات الخطوة الإسرائيلية الجديدة بالاعتراف بمغربية الصحراء؟

في اعتقادي ان هذه الخطوة كان من الممكن أن تأتي مبكرا أسابيع بعد التوقيع على اتفاقية إبراهيم للأمن والسلام، لكن يبدو أن التطورات السياسية التي عاشها الداخل الاسرائيلي حالت دون ذلك، فالمشهد السياسي الاسرائيلي عاش نوعا من الارتباك والتغيير، إذ خرج بنيامين نتانياهو من الحكومة وعاد إليها بعد انعقاد انتخابات تشريعية مبكرة.

 وضعية اللااستقرار السياسي التي تعيشها إسرائيل منذ ثلاث سنوات قد تكون وراء هذا التأجيل. هذا التأخر في عملية الاعلان عن الموقف المعترف بمغربية الصحراء فجر تساؤلات لدى الإعلام الدولي، وحاول أن يجد لها مبررا عقلانيا. فهناك من يقول إن الحكومة الإسرائيلية كانت تريد مفاوضات ثنائية مع المملكة المغربية وانتزاع تنازلات إضافية منها قبل الاعلان النهائي بالاعتراف الرسمي، وهناك من يقول إن إسرائيل كانت تنتظر أن تتبلور المواقف الأوربية بصفة نهائية قبل أن تحسم أمرها.  

كيف سيؤثر هذا الاعتراف على التعاون السياسي والعسكري والاقتصادي بين المغرب وإسرائيل؟

هذا الاعتراف الاسرائيلي بمغربية الصحراء يشكل منعطفا هاما سينعش بشكل كبير العلاقات الثنائية بين البلدين ويمنحها زخما غير مسبوق في إطار تفعيل شراكة متنوعة الأبعاد بين المملكة المغربية واسرائيل.  هذا القرار سيشجع تدفق الاستثمارات الدولية في منطقة الصحراء المغربة، انطلاقا من النفوذ الكبير الذي تحظى به الشركات الإسرائيلية في المنظومة المالية العالمية.

هذا القرار سيشكل أيضا، ضوءا أخضر لرفع وثيرة الاستثمارات الدولية في منطقة الصحراء المغربية الغنية والواعدة، بالإضافة الى أن هذا الاعتراف سيرسخ تحالفا عسكريا وطيدا بين المملكة وإسرائيل، المعروفة عالميا باكتسابها أفضل التكنولوجيا العسكرية المتطورة.

لكن هذا القرار الهام ستكون له تداعيها على المستوى الدولي، خصوصا فيما يتعلق بمواقف بعض الدول الأوربية كفرنسا، التي ما زالت تلتزم الضبابية في مقاربتها لهذه الأزمة الإقليمية.

إريك سيوتي، رئيس حزب الجمهوريين الفرنسي، رحب بالاعتراف الإسرائيلي ودعا فرنسا لاتخاذ الموقف نفسه. ما الذي يمنع الحكومة الفرنسية من الإقدام على هذه الخطوة، بعد حسم الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل لموقفهما من مغربية الصحراء؟

هناك أدلة واضحة على أن هذا المنعطف الإسرائيلي اتجاه مغربية الصحراء له تأثير مباشر على المقاربات الفرنسية، إذ ارتفعت أصوات فرنسية نافدة مثل إريك سيوتي، زعيم حزب الجمهوريون اليميني المعارض، وبرونو فوكس، الناطق باسم حزب الوسط "الموديم"ن الذي يتزعمه فرانسوا بايروـ للمطالبة بأن تتبني فرنسا موقفا اكثر وضوحا ودعما للـطروحة المغربية. برونو فوكس قال إنه على فرنسا أن توقف ما أسماه بـ"سياسة النعامة"، التي لا تريد ان تراجع الواقع الحالي الذي تدعم خلاله معظم الفعاليات الدولية الوحدة الوطنية المغربية .

ومن المرتقب أن يساهم هذا الموقف الاسرائيلي في حشر الخيارات الفرنسية في الزاوية، إذ سيتصاعد الضغط الداخلي على الدبلوماسية الفرنسية لمساءلتها حول الأسباب الحقيقة التي تمنعها من تبني مواقف مؤيدة للمغرب. كما فعل ذلك بكل وضوح جيرانها الألمان والإسبان، وحلفائها الأمريكيين والاسرائيليين.   

وعلى خلفية هذا المنعطف سيجد الرئيس إيمانويل ماكرون صعوبة واضحة في الاستمرار في مقاربته الرمادية، القاضية بمسك العصى من الوسط.  ومحاولة اللعب على الحبلين، المغربي، بالاستمرار بدعم أطروحة الحكم الذاتي، والجزائري، بعدم الاعتراف بمغربية الصحراءـ بطريقة لا لبس فيها .

ما هي التداعيات المحتملة للاعتراف الإسرائيلي بمغربية الصحراء على الجانب الجزائري في علاقته بملف الصحراء المغربية؟

بطبيعة الحال مثل هذا القرار سيزيد من عزلة النظام الجزائري، ومن ارتباكه في الداخل والخارج، كون المجموعة الدولية تتجه نحو تبني دعما واضحا لمغربية الصحراء. هنا تنتهي بالنسبة لهذا النظام أسطورة الانفصال والوهم التي عاش عليها وصدرها للجزائريين لمدة عقود. 

هذا المنعطف سيشكل أيضا عاملا ضاغطا على المؤسسة العسكرية الجزائرية، التي تحاول أن تجيش الرأي العام الجزائري على أساس أن هناك خطر وتهديد إسرائيلي من المغرب. والتخوف الكبير هنا، أن تنفلت الأمور من قبضة نظام عسكري سلطوي، عود محيطه الإقليمي وحلفائه الدوليين على إدارة شؤون الدولة الجزائرية ومصالحها عن طريق المزاجية والعدوانية المستديمة، وليس عبر العقل و المنطق.