المحروقات.. الجمرة التي يتقاذفها وزراء أخنوش

التحليل والرأي - 26-08-2023

المحروقات.. الجمرة التي يتقاذفها وزراء أخنوش

اقتصادكم

 

أعاد مجلس المنافسة ملف المحروقات إلى دائرة الضوء، بعدما طبع المغاربة مع "غلاء" مستورد من الحرب الروسية- الأوكرانية على مدى أشهر، حين أصدر مؤاخذات في حق 9 شركات لتخزين وتوزيع "الكازوال" والبنزين، قبل أن يتطور اهتمام الراي العام بهذا الملف عقب أربع زيادات متتالية خلال النصف الأول من الشهر الجاري.

من الطبيعي، أن يكون موضوع المحروقات على رأس أجندة أول مجلس حكومي بعد العطلة، لكن هذا الأمر لم يحدث. في المقابل، تسربت أخبار من مصادر حكومية، حول اجتماع للأغلبية سيناقش هذا الملف خارج المجلس، ما طرح أكثر من علامة استفهام حول طبيعته. هل هو ملف اقتصادي أم سياسي محض؟. الجواب، هو بين هذا وذاك.

تحول ملف المحروقات إلى جمرة يتقاذفها وزراء عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، فبين المالية والنقل واللوجستيك والتجارة والصناعة والفلاحة والسياحة، أحرق هذا الملف الجميع، وصار يستلزم حلا نهائيا لمعالجته، خصوصا بعدا أثبتت التحرير و"المقايسة" بعد ذلك عدم جدواها، وظلت سوق المحروقات تتخبط في منسوب ضعيف من المنافسة، وارتفاع شبه موحد في الأسعار.

الحكومة، اختارت الهروب إلى الأمام، وتجنب الخروج بتصريحات وتبني مواقف أو قرارات رسمية في ملف المحروقات، لتنتشر في المقابل الأخبار مجهولة المصادر وغير المستندة إلى أسس وثيقة. الحدث هنا، عن استئناف دعم المحروقات الموجه على مهنيي النقل الطرقي ابتداء من شتنبر المقبل، بعدما تم توقيفه لأشهر. القرار المنسوب إلى الحكومة، لا علم للنقابات المهنية به، علما أنها المعني الأول بمثل هذا المستجد.

لا شك أن الحكومة تمر من مرحلة حساسة، تهم الدخول السياسي والاجتماعي والاقتصادي الجديد، وتحاول الخروج بأقل خسائر من جول حوار اجتماعي مع المركزيات النقابية، والحفاظ على التوازنات المالية والماكرواقتصادية، وتحصين الأغلبية الحكومية في مواجهة رهانات بمخاطر تقسيم تهدد التماسك، إلا أن هذه الإكراهات لا تعفيها من مسؤوليتها اتجاه ملف المحروقات، الذي ما فتئ يتفاقم يوما بعد يوم.

بلغة الأرقام، الحكومة أنفقت خلال الفترة الماضية 5 ملايير درهم، أي 500 مليار سنتيم، في تمويل دعم المحروقات الموجه إلى مهنيي النقل الطرقي، دون بلوغ أي نتائج ملموسة أو معالجة المشكل بشكل نهائي، فالأسعار بالمحطات ما زالت مرتفعة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى أسعار المواد الاستهلاكية، التي كان التخوف من تفاقمها بسبب تنامي تكاليف النقل. هذه الخلاصات أصبحت تفرض على الحكومة التسريع بتغيير طريقة تفاعلها مع ملف المحروقات، والبحث عن استراتيجية لمعالجة على المديين القصير والمتوسط.