اقتصادكم
رغم الزخم العالمي للذكاء الاصطناعي، لا تزال البنوك المغربية تتقدم بخطى حذرة على هذا المسار، متأرجحة بين تجارب أولية واختبارات محدودة في وقت لا يزال الحديث عن العقبات التي تعيق تحوله من أداة "ذكية" إلى محرك حقيقي للتحول.
وأكدت ماري مورغان، مديرة لدى Ailancy Maroc، في حوارها مع Finances News Hebdo، أن "الذكاء الاصطناعي لم يدخل حديثًا إلى البنوك، بل بدأ منذ سنوات مع ما يُعرف بـالذكاء التنبؤي"، الذي يقوم على النماذج الإحصائية لتوقع السلوكيات واتخاذ قرارات مثل منح القروض أو كشف الاحتيال المالي.
لكن الطفرة الحقيقية بدأت منذ ظهور ChatGPT في نوفمبر 2022، حيث انطلقت موجة الاهتمام بـ الذكاء التوليدي القادر على إنتاج محتويات جديدة (نصوص، عروض تقديمية، تقارير...). "إلا أن اعتماد هذه التقنيات في البنوك المغربية لا يزال بطيئًا"، تضيف مورغان، مشيرة إلى أن الاستخدام لا يتجاوز غالبًا أدوات المساعدة البسيطة، في حين لم تُبلور بعد تطبيقات مهنية عميقة مثل تحليل ملفات القروض أو المساعدة في اتخاذ قرارات ائتمانية مع تعليل منطقي مدعوم بالذكاء الاصطناعي.
ما الذي يعطل المسار؟
وطرحت ماري مورغان بوضوح أسباب هذا التباطؤ، مشيرة إلى أن العقبات ليست تقنية بالأساس، بل ترتبط بغياب إطار قانوني خاص بالذكاء الاصطناعي، حيث تعتمد البنوك على قوانين عامة لا تغطي خصوصيات هذه التكنولوجيا، وحساسية البيانات الشخصية التي تزداد مع تطور قدرات المعالجة والتحليل، والقصور البشري في فهم الإمكانات الحقيقية للذكاء الاصطناعي، إذ يصعب على الكثير من الموظفين تصور تطبيقات عملية فعّالة دون تدريب متخصص أو توعية تقنية عميقة، بالإضافة إلى الهوة بين الفرق التقنية والفرق المهنية، التي تعرقل التعاون الضروري لتطوير أدوات ذكاء اصطناعي موجهة بفعالية للاحتياجات الفعلية.
تستعير الخبيرة تشبيهًا معبرًا: "اقتراح طائرة بدون طيار متقدمة لمن لم يغادر الطريق الإسفلتي بعد!"، لتوضح الفجوة بين الإمكانات التقنية المتقدمة والإدراك البشري المحدود لدى العديد من العاملين في البنوك.
الأمان السيبراني... عامل حاسم في المعادلة
وسط هذه التحديات، تؤكد الخبيرة أن الأمن السيبراني وحماية البيانات يمثلان أولويتين لا يمكن التهاون بهما، خاصة في ظل أحداث قرصنة وتهديدات رقمية شهدها المغرب مؤخرًا. لذا، لا بد من إدماج هذه الأبعاد في أي استراتيجية ذكاء اصطناعي لضمان اعتماد مسؤول وآمن.
"الذكاء الاصطناعي ليس أداة سحرية، بل يتطلب بيئة تنظيمية، وهياكل تقنية، وأهم من ذلك: رؤية بشرية واعية"، هكذا تختتم مورغان حديثها. وفي ظل سباق عالمي نحو الذكاء الاصطناعي، يبقى الرهان بالنسبة للبنوك المغربية هو المرور من "الدهشة" إلى "التحول"، من التجربة إلى التكامل، ومن PowerPoint إلى التأثير الفعلي في نتائج الأعمال.