تغطية تكاليف المقاصة.. "التمويلات المبتكرة" حبل النجاة

التحليل والرأي - 29-06-2022

تغطية تكاليف المقاصة.. "التمويلات المبتكرة" حبل النجاة

اقتصادكم

ستعجل تصريحات مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، بشأن تكاليف صندوق المقاصة التي تجاوزت سقف 96 % من الاعتمادات الإجمالية المفتوحة برسم قانون المالية الحالي، بإخراج مرسوم يقضي بتوفير اعتمادات إضافية لتغطية تكاليف دعم غاز البوتان والسكر والقمح.

ويتعلق الأمر هنا، بمشروع مرسوم أعلن عنه فوزي لقجع، الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية، المكلف بالميزانية، الذي تحدث عن 16 مليار درهم إضافية، أي 1600 مليار سنتيم. ما يطرح سؤالا مهما حول الموارد والحلول الممكنة بالنسبة إلى الحكومة من أجل توفير هذا المبلغ الضخم، علما أن الاقتراض من السوق الدولية، لا يمكن أن يكون خيار مناسبا خلال الفترة الحالية، باعتبار ارتفاع أسعار الفائدة.

الحكومة تعلمت من أخطاء الماضي واقتنعت في النهاية بأن الاقتراض عبر القنوات التقليدية، البنك الدولي وسندات السوق المالية، لن يجدي في حالة عجز صندوق المقاصة، واختارت هذه المرة اللجوء إلى "التمويلات المبتكرة" أو "financement innovant"، وهي حزمة من الحلول الائتمانية التي ستتيح للحكومة الاستفادة من تمويلات عاجلة، عن طريق استغلال رصديها العقاري مثلا.

هذا الخيار سلكته حكومة سعد الدين العثماني، في عملية أشرف عليها محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية آنذاك، تم بموجبها بيع المستشفيات الجامعية "CHU" للصندوق المغربي للتقاعد، الذي تحول إلى مالك ومؤجر يتقاضى سومة كرائية من الدولة، التي حصلت بدورها على سيولة نقدية مكنتها من إنعاش خزينتها بشكل عاجل، والوفاء بالتزاماتها قصيرة الأمد.

وبهذا الخصوص، يتحدث محمد الشيكر، رئيس مركز الدراسات عبد العزيز بلال، عن تشويه مفهوم الاقتراض من قبل العقليات النيولبرالية، موضحا أنه مثل "الكولسترول" فيه مضار ومنافع، تتجلى أساسا في الغاية من القرض، هل من أجل الاستثمار أم بغرض تغطية التكاليف؟، والواقع أن الحصول على قرض للاستثمار يعتبر الأكثر إفادة وصلاحا بالنسبة إلى الاقتصاد، لأنه يتيح انتعاشا ماليا على المدى البعيد.

وأضاف الشيكر، في اتصال مع "اقتصادكم"، أن هامش التحرك ما زال مفتوحا أمام الحكومة، من أجل إنجاز عمليات اقتراض خارجية، لكن بعيدا عن السوق المالية الدولية، المطبوعة بارتفاع سعر الفائدة، مشددا على أن كيفية توظيف القرض أهم من الحصول عليه، خصوصا خلال الفترة الحالية التي تستدعي عقلنة تدبير الإجراءات الائتمانية.

وبالعودة ‘إلى مبلغ 16 مليار درهم، الذي تسعى الحكومة إلى توفيره حاليا، فإن خيار "التمويلات المبتكرة" يظل حبل النجاة خلال الظرفية الراهنة، من أجل تجميع مبلغ 12 مليار درهم، بعد أن تأمين مبلغ 4 ملايير من المبلغ الأصلي، عن طريق تحويلات من المجمع الشريف للفوسفاط، الأمر الذي سيضمن الحفاظ على توازنات الميزانية، وعدم الاستغراق في الاستدانة من الخارج.