ضعف الميزانيات أجهض خطة استقطاب 26 مليون سائح في أفق 2030

التحليل والرأي - 05-11-2022

ضعف الميزانيات أجهض خطة استقطاب 26 مليون سائح في أفق 2030

اقتصادكم /الزوبير بوحوت

 

يبدو أن حلم وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي، ومعها آمال مهنيي السياحة المغاربة سيتم اجهاضها، بسبب ضعف الميزانية الفرعية لوزارة السياحة المقترحة في إطار مشروع قانون المالية لسنة 2023.

خارطة الطريق التي جرى إعلان انطلاق إعدادها من طرف وزارة السياحة نهاية غشت الماضي، بتعاون مع مهنيي قطاع السياحة والجهات والأطراف المعنية تهدف إلى جذب 26 مليون في أفق 2030، أي ضِعف عدد السياح الوافدين على المغرب خلال سنة 2019، وهو ما يتطلب ضخ اعتمادات مهمة لإعادة إقلاع القطاع السياحي الدي يمكن من الرفع من مداخيل العملة الصعبة بصفة سريعة، إضافة إلى فرص الشغل المهمة التي يوفرها.

فقد سبق لوزيرة السياحة أن أعلنت أن "التقييم والتشخيص الأولي الذي تم إنجازه أفضى إلى إبراز ثلاثة مجالات تشكل محاور ذات أولوية ستتأسس عليها خارطة الطريق، إذ يتمثل المحور الأول بـتقوية عرض النقل الجوي وتعزيز طاقته الاستيعابية، وكذلك خطوط جوية عديدة من وجهة إلى أخرى، على اعتبار ات النقل الجوي يعد عاملا أساسيا لتحقيق التحول في قطاع السياحة، ما سيمكن من رفع عدد الوافدين؛ وبالتالي تحسين معدلات الملء في مؤسسات الإيواء السياحي."

اما المحور الثاني فيتعلق بـ"ملاءمة العرض السياحي المغربي مع الطلب المحلي والدولي مع ضرورة التكيف مع التطلعات التي برزت في فترة ما بعد فيروس كورونا، حيث بدأ التركيز بشكل أكبر على السياحة الإيكولوجية والسياحة القروية والجبلية". بينما يتعلق المحور الثالث والأخير بـ"الاستثمار الذي سيحظى بأهمية كبرى بهدف تحفيزه بشكل أكبر من أجل تطوير مشاريع مهمة لتحقيق نقلة داخل القطاع، خصوصا فيما يتعلق بمسألة التنشيط."

وإذا كان هدف استقطاب 26 مليون سائح في أفق 2030، مشروعا وممكنا جدا بالنظر للمؤهلات التي يتوفر عليها المغرب وكدا قربه من أكبر خزان مصدر للسياح، وبالنظر كذلك للعلاقة المتميزة التي تربطه مع كبريات الدول المصدرة للسياح، بالإضافة إلى الطفرة النوعية التي حققتها المملكة المغربية في تقوية البنى التحتية ووسائل النقل، فضلا عن إعداد المغرب لميثاق جديد للاستثمار، من شأنه أن يشكل حافزا لجلب استثمارات أجنبية ضخمة بالإضافة إلى تعبئة الادخار والاستثمار.

إلا أن بلوغ هدا الهدف يتطلب رصد الميزانيات المناسبة لتعزيز النقل الجوي وتطوير العرض، ليشمل جميع متطلبات الزبائن، سواء كانوا مغاربة أو أجانب والاستثمار في الرقمنة، والاهتمام بالسياحة الداخلية التي لعبت دورا كبيرا في تحقيق نسبة استرجاع ليالي المبيت (70 % في نهاية شتنبر 2022 مقارنة مع نفس الفترة من 2019)، إذ تم استرجاع حوالي 100 % من ليالي المبيت بالنسبة للسياحة الداخلية.

لكن يبدو أن مشروع الميزانية الفرعية لوزارة السياحة برسم السنة المالية 2023، تجاهل آمال المهنيين في ضمان إقلاع حقيقي للقطاع، وسيجعل من خارطة الطريق مجرد حبر على ورق مصيرها الفشل كسابقاتها.  فالميزانية المقترحة لقطاع السياحة في مشروع قانون المالية لسنة 2023 (692 مليون درهم) تبقى ضعيفة جدا، ولا تتماشى مع طموحات مهنيي قطاع السياحة ولن تلعب أي دور بكل تأكيد في تنمية القطاع.

 دلك ان الميزانية الإجمالية للوزارة، في حالة اعتمادها، (مليار و70 مليون درهم)، ستسجل تراجع بـ 36 % مقارنة مع ميزانية سنة  2019، التي كانت في حدود مليار و700 مليون درهم، وبالتالي فإن أن هدف استقطاب 26 مليون سائح في أفق 2030، تم إجهاضه بسبب الميزانيات المرصودة. وبالمقابل يبدو أن مصالح وزارة السياحة لم يحسنوا توظيف حجم المبلغ المخصص لهم من طرف وزارة المالية، وذلك بالنضر لطريقة توزيع الميزانية على المصالح الأساسية للقطاع .

 فالغلاف المالي المخصص للشركة المغربية للهندسة السياحية الذي يتحدد دورها في تحفيز الاستثمار السياحي سيعرف انخفاضا بنسبة 18 %، مقارنة بالسنة الماضية وهذا عامل سلبي، لأن العرض المتوفر في الإيواء السياحي يتطلب مجهودا إضافيا كما سبق الإشارة إليه، وهذا يستدعي ضخ مزيد من الاعتمادات المالية لتحفيز وإنعاش الاستثمار. 

كما أن خفض الاعتمادات المخصصة للاستثمار يتعارض مع التعليمات الملكية السامية الواردة في خطاب جلالته أمام البرلمان حيت حضى موضوع الاستثمار بعناية خاصة من طرف جلالته بالإضافة الى موضوع الماء، ناهيك على أن موضوع الاستثمار يشكل إحدى أولويات العمل الحكومي، الذي يعمل جادا لإخراج الميثاق الجديد للاستثمار إلى حيز الوجود نضرا لأهميته في تحريك العجلة الاقتصادية.

كما أن الميزانية المخصصة لدعم النقل الجوي والترويج لن تعرف اي زيادة رغم أن المحور الأول لخارطة الطريق يرتكز على تعزيز النقل الجوي وهو ما يعتبر تناقضا صارخا بين الأهداف والنوايا المعبر عنها والإجراءات العملية التي يتم اتخادها.

لكن بالمقابل، ستعرف الميزانية المخصصة للإدارة المركزية زيادة بنسبة 53 %، وهذا يعني أن هناك خللا صارخا لابد من تداركه، بالنضر لأن توجيهات رئيس الحكومة ودوريات مجموعة من الوزارات لمصالحها تشدد على ضرورة ترشيد النفقات في حين تجاهلت ميزانية الوزارة مجهودات تعزيز النقل الجوي والاستثمار وأعطت الامتياز لنفقات المصالح المركزية دون تبيان سبب هاته الزيادة المرتفعة في هاته الميزانية بالضبط.

 إن رفع نسبة استقطاب السياح إلى 12.7 % في الفترة الممتدة بين 2022 و2025، مقابل 5,5 " كمعدل نمو سنوي خلال 20 سنة الماضية، يتطلب رفع ميزانية الترويج التي يقوم بها المكتب المغربي للسياحية مرتين على الأقل، لتصل إلى حوالي 692 مليون درهم، لأن المكتب هو الذي يبرم الاتفاقيات مع شركات الطيران.

كما أن حاجة المغرب إلى تطوير بنيات الاستقبال وملاءمة العرض مع متطلبات الزباء، والاستثمار في التنشيط يتطلب ضخ استثمارات إضافية وهو ما يستوجب مجهودات كبيرة لاستقطاب وتحفيز الاستثمار. لكن هدا الهدف سقط سهوا من أولويات الوزارة، ومصير رؤية 2030 الفشل مسبقا.