هل سيتسبب انفجار تداول "الكاش" بالمغرب في توليد فقاعة عقارية على المديين المتوسط والبعيد؟

التحليل والرأي - 18-06-2023

هل سيتسبب انفجار تداول "الكاش" بالمغرب في توليد فقاعة عقارية على المديين المتوسط والبعيد؟

اقتصادكم

 

ما تزال السياسة التقييدية لبنك المغرب عاجزة عن امتصاص النزيف النقدي الذي عانى منه النظام الاقتصادي منذ تفشي جائحة كورونا. ويشير الاقتصاديون الآن بأصابع الاتهام إلى خطر رؤية تشكل فقاعة في أسعار الأصول، وخاصة العقارات.

الطاقة في البداية ثم الغذاء. يمكن أن يصبح التضخم في المغرب قريبًا نقديًا بحتًا. ولفهم هذه الظاهرة، علينا العودة إلى 2020 والجائحة التي كان لها عواقب عديدة على عادات الاستهلاك والادخار المغاربة. كما ساهم الارتفاع الكبير في تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج وانخفاض أسعار الفائدة على المدخرات في هذه الظاهرة. 
لقد انتقلنا من إحداث نقدي بلغ 168 مليار درهم بين 2017 و2019، إلى 314 مليار درهم خلال الفترة 2020-2022. ويوضح أحمد زهاني، كبير الاقتصاديين في "سيديجي كابيتال" CDG Capital خلال ندوة عبر الأنترنت، أن 95% من هذه الزيادة يفسرها الجزء السائل من الكتلة النقدية.

تداعيات على النظام البنكي

إن "تسييل" عرض النقود يجعل الموارد البنكية أكثر تقلباً. يوضح زهاني، مشيرًا إلى قيود تدبير الحصيلة البنكية ALM للبنوك، التي تتطلب تمويل قروض طويلة الأجل بموارد مستقرة، "يمكن أن يؤدي هذا الوضع إلى مخاطر ميزانياتية للبنوك، نظرًا لكثرة الالتزامات المتوسطة والطويلة الأجل، سيما في القروض العقارية".

يحاول بنك المغرب التعامل مع هذا الوضع من خلال رفع معدل الفائدة الرئيسي، والذي من المفترض أن يكون له من الناحية النظرية تأثير على مردودية المدخرات. لكن في الواقع، زادت البنوك معدلات الفائدة على الودائع بشكل هامشي فقط منذ شتنبر 2022. رفعت المعدلات المرتبطة بالودائع لأجل 6 أشهر بمقدار 32 نقطة على الأساس فقط، وأسعار الفائدة لمدة 12 شهرًا بمقدار 53 نقطة على الأساس، بينما ارتفع معدل الفائدة الرئيسي بمقدار 150 نقطة على الأساس.

تغذية القطاع غير المهيكل 

تحطمت الجهود التي بذلها المجتمع المالي على مدى العقد الماضي لجعل المغرب اقتصادًا يميل نحو "الصفر النقدي" أو "زيرو كاش" منذ تقشي فيروس كوفيد 19. وزاد تداول العملة النقدية بمقدار الثلث منذ تفشي الجائحة ليسجل رقما قياسيا. 

وبهذا الخصوص، يحذر زهاني بالقول، إن "حجم التداول الائتماني زاد بنحو 50 مليار درهم في 2020 و33.6 في 2022، مقابل متوسط 17 مليار درهم مسجلة خلال الفترة 2015-2019، ما يمثل مصدر نمو في القطاع غير المهيكل وسوق الصرف الموازية".

شكل جديد للتضخم يلوح في الأفق

يمكن أن تمثل الزيادة في الكتلة النقدية الرائجة بمعدل أعلى بكثير من نمو الناتج الداخلي الخام الحقيقي، مصدر تضخم من النوع النقدي على المدى المتوسط والطويل. ووفقًا لأحمد زهاني، بدأت الإشارات الأولى في الظهور، "تظهر خزائن المقاولات نموًا في مدخراتها، بينما يلاحظ تدهور في مدخرات الأسر. في نهاية المطاف، سيؤدي هذا الوضع إلى تحويل هذه المدخرات من المقاولات إلى أصحاب رأس المال الذين بدورهم سوف يغذون الفقاعات المالية في الأصول الحقيقية، العقارات على وجه الخصوص"، محذرا في السياق ذاته، "إنه خطر يجب تتبعه خلال السنوات المقبلة".

يعتبر تشديد السياسة النقدية من الناحية النظرية، الأداة الرئيسية لمكافحة هذا الوضع. لكن نهج بنك المغرب، الذي يعتمد فقط على معدل الفائدة الرئيسي، لم يسمح حتى الآن بخفض معدل نمو القروض، سيما لدى المقاولات التي تتحمل، للمفارقة، وطأة الزيادة في معدلات الفائدة على القروض. وفي أماكن أخرى من العالم، تتبنى البنوك المركزية سياسات أكثر صرامة عن طريق خفض مدفوعاتها المقدمة إلى النظام البنكي، مع زيادة معدل الفائدة الرئيسي.

لكن بنك المغرب اختار الإبقاء على وتيرة ضخه في النظام البنكي والحفاظ بانتظام على فوائض تقدر بنحو 15 مليار درهم، على غرار فترة كوفيد 19، عندما قرر البنك المركزي فتح البوابات بالكامل.

جد أنفسنا الآن في وضع تمثل فيه الكتلة النقدية أكثر من 133% من الناتج المحلي الإجمالي (136% في 2020). وضع لا يمكن تحمله على المدى الطويل، إذ يجب زيادة قيمة السلع لامتصاص هذه السيولة. علما أنه على مدى تاريخ المالية العمومية المغربية، ظلت الكتلة النقدية تحت 120% من الناتج المحلي الإجمالي.