اقتصادكم ـ شعيب لفريخ
طرح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، مؤخرا، رأيه المبني على تصور جديد، بخصوص الانتقال إلى أسلوب جديد في تدبير النفايات الصلبة والمياه العادمة، و قد أرفق ذلك بمقترحات وتوصيات تشكل في حد ذاتها خطة أو خارطة طريق، يدخل شأن تطبيقها تحت مسؤولية كل من البرلمان والحكومة.
مبادرة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، كمؤسسة دستورية مستقلة، تستحق التنويه، لأنها جاءت برأي سديد ذا روح وطنية، يخدم مصلحة الوطن والمواطنين، بعد سنوات وعقود من تخبط مختلف المؤسسات والمصالح العمومية المعنية بالقطاع، في بعض الخطط والاستراتيجيات التي أهدرت الأموال العامة، والتي لم يتم تقييم سياستها العمومية، والتي تطرح بشأنها أكثر من علامة استفهام.
فقطاع النفايات هو قطاع مذر للأرباح وتعرف قيمته الشركات المتعددة الجنسيات وشركات التدبير المفوض، وشركات "التنمية" والشركات الخاصة بشكل عام، كما يعرف قيمته بعض الأشخاص من أصحاب المصالح الخاصة الذين استداموا فوضى القطاع ولعبوا أدوار في الخفاء، على امتداد سنوات، حتى لا تتم هيكلته.
فالمجلس الاقتصادي والاجتماعي، يرى أن النموذج المتبع حاليا في قطاعي معالجة النفايات المنزلية العضوية والمياه العادمة، يتلخص في الإنتاج والاستهلاك والتخلص، وهو نموذج سلبي جدا، له تداعيات خطيرة على البيئة واستنزاف الموارد الطبيعية والتلوث وتزايد النفايات، مع ضعف في وتيرة النمو وعدم إحداث مناصب شغل.
فالتدبير الحالي للنفايات العضوية، " يجري بأحجام كبيرة، دون فرز مسبق، مما يجعل تحويلها أمرا صعبا، مكلفا وغير مربح."
والحل الجديد الذي جاء به مقترح المجلس، هو الانتقال إلى اقتصاد دائري، وهو نموذج إيجابي تعتمده العديد من الدول، " يمكن من إعادة تصنيع النفايات العضوية المنزلية أو تدويرها أو استعادتها والمحافظة عليها ضمن الاقتصاد والاستفادة منها لفترة أطول."
وبخصوص إعادة استخدام المياه العادمة، ذكر تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي، أن " نسبة إعادة استخدامها في القطاع الصناعي لا تتجاوز 17% وسقي المساحات الخضراء 51% في سنة 2020"، وان التعثر راجع إلى " صعوبات التمويل والإكراهات العقارية وغياب قوانين تتعلق بمآل الأوحال المتبقية وتفريغها."
وقد دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إلى اعتماد استراتيجية وطنية للانتقال نحو الاقتصاد الدائري.
كما دعا إلى إعداد قانون إطار يتعلق بالاقتصاد الدائري، وقانون ضد كل أشكال الهدر، وكذا، إعادة توجيه وتحيين المقتضيات القانونية الحالية لتسهيل الانتقال إلى الاقتصاد الدائري.
وشدد المجلس على ضرورة إحداث هيئة للتنسيق على مستوى القطاع الحكومي المكلف بالاستثمار وتقييم السياسات العمومية، لتتولى التنسيق بين جميع الأطراف من أجل ضمان التدبير الجديد للنفايات والمياه العادمة وفق مقاربة قطاعية وترابية.
كما شدد على ضرورة مراجعة عقود التدبير المفوض بين الجماعات والشركات الخاصة وشركات التنمية المحلية، من أجل القطع مع الأسلوب المدمر، أسلوب طمر وتخزين أو إحراق النفايات..