شعيب لفريخ
صادق مجلس الحكومة المنعقد في 20 يناير المنصرم على ثلاثة مشاريع مراسيم مهمة.
تهم هذه المراسيم إدخال تعديلات على القوانين الصادرة بتاريخ 9 يونيو 2017 المنظمة للقواعد التي تخضع لها الجماعات الترابية بشأن عمليات الاقتراضات التي تشمل الجهات والجماعات والعمالات أو الأقاليم.
الجديد في هذه التعديلات هو فتح الباب أمام إصدارها لسندات الديون والقيام بعمليات التسنيد وكذا الاقتراض من وكالات التعاون الدولية.
الناطق الرسمي باسم الحكومة وصف هذه التعديلات بكونها جاءت لمواكبة التطور الذي يعرفه قطاع التمويلات بالمغرب بغية تمكين الجماعات من تغطية حاجيات التمويل المرتبطة بتنميتها.
إذن موضوع التعديلات هو مرتبط بالتمويل وبالتنمية حسب الناطق الرسمي باسم الحكومة، لكن بالنظر إلى بعض تجارب الاقتراض الخارجي لبعض الجماعات الترابية، فإن الأمر تحول من تمويل بعض برامج التنمية إلى الاقتراض من أجل الاقتراض وتحول الأمر إلى عبء أداء أقساط فوائد الديون فضلا عن أقساط إرجاع ذلك الدين دون ظهور أية تنمية.
المثال الأبرز على ذلك هو اتفاقية جماعة الدار البيضاء مع البنك الدولي بتاريخ 21 دجنبر 2017 من أجل الحصول على قرض بمبلغ 200 مليون دولار سيتم تسديده بفوائده على مدى 23 سنة وذلك تحت عنوان تمويل برنامج تنمية الدارالبيضاء. هذا في الظاهر، لكن على مستوى الواقع تحولت مبالغ قرض البنك الدولي في ميزانية جماعة الدار البيضاء من ميزانية التجهيز والاستثمار إلى ميزانية التسيير، أي بمعنى أن مبالغ القرض لم تستعمل في التنمية، وتم استعمالها في النفقات التسييرية، والحالة هذه فالبنك الدولي لم يتضرر لكن المتضرر هو التنمية، وهذا شيء يمكن الوقوف عليه في الحسابات الإدارية السنوية لجماعة الدار البيضاء، وفي محاضر مداولات المجلس السابق الذي كان يترأسه العمدة عبد العزيز العماري .
تنبغي الإشارة إلى أن البنك الدولي وافق في شهر نونبر 2019 على قرض لصالح المغرب لفائدة 100 من أكبر الجماعات الترابية بالمغرب بقيمة 300 مليون دولار لمدة 5 سنوات من 2019 إلى 2024، لكننا هنا في هذه الحالة أمام نقص للمعطيات وغياب دراسات تقييمية لهذه القروض وأثرها سلبا أو إيجابا على التنمية، مع العلم بأن البنك الدولي نفسه وقع مع وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد في 2دجنبر 2013 على اتفاقية تخص تعزيز الحكامة والشفافية واعتماد إطار قانوني بهدف الوصول إلى المعلومة الخاصة بالقطاع العمومي بما فيها الجماعات الترابية.
إن موضوع الحكامة هو مرتبط بالتنمية، فلا تنمية بدون حكامة جيدة، وللأسف فبعض الدراسات المتخصصة في الحكامة الترابية تؤكد على أن الجماعات الترابية ماتزال تعتمد التدبير التقليدي للتسيير المالي، فالتدبير المالي السليم يقابله نجاعة وفعالية تنموية والعكس صحيح.
وبالرجوع إلى الصلاحيات الجديدة للجماعات الترابية في الاقتراض الخارجي، فهي تشمل إصدار سندات الديون والقيام بعمليات تسنيد والاقتراض من وكالات التعاون الدولية، وحسب أحد الخبراء المختصين في المالية الترابية، فإن الدولة ستكون ملزمة من خلال وزارة المالية بضمان الجماعة الترابية التي أصدرت سندات الديون على المستوى الخارجي، وأنه في حالة عدم تمكن الجماعة من التسديد ستسدد الدولة القروض بدلا عنها من ميزانية الدولة.
وفي حالة غياب الحكامة الجيدة للجماعات الترابية فإن التنمية ستظل وبكل تأكيد متعثرة، ونصبح أمام وضعية إرهاق للميزانية العامة للدولة عندما تكون ملزمة لا قدر الله بأداء الدين العمومي الخارجي بدلا عنها.