اقتصادكم ـ شعيب لفريخ
إشارتان إيجابيتان تم تسجيلهما في هذا الأسبوع، الإشارة الأولى والأساسية، هي بدأ تحرك الحكومة على مستوى تفعيل قانون تبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، بعد فتور سلبي دام مدة حوالي ستة أشهر منذ مجيء الحكومة الحالية، وتجميدها لإجراءات التفعيل، أما الإشارة الثانية والتي لا تقل أهمية عن الأولى والتي كانت مؤثرة على الجانب الحكومي، فهي المتعلقة بمضمون العرض الحازم لرئيسة المجلس الأعلى للحسابات ألذي قدمته أمام البرلمان بغرفتيه يوم الأربعاء الماضي.
فقد ترأست غيثه مزور، وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، يوم الخميس 12 ماي 2022، اجتماع عمل موسع مع الكتاب العامين لمختلف الوزارات والمدراء العامين للمؤسسات العمومية، وذلك بهدف تسريع ورش التحول الرقمي بالإدارة العمومية، وفق مقتضيات القانون 55.19 اﻟﻤﺘﻌﻠﻖ ﺑﺘﺒﺴـﻴﻂ اﻟﻤﺴـﺎﻃﺮ واﻹﺟﺮاءات اﻹدارﻳﺔ، وكذا بغية توحيد مجموع الفاعلين بغية خلق انسجام بين مختلف القطاعات الحكومية.
زينب العدوي رئيسة المجلس الأعلى للحسابات في عرضها الذي قدمته يومه الأربعاء 11 ماي 2022 أمام البرلمان بغرفتيه، أفصحت عن فحوى المخطط الاستراتيجي الذي تم وضعه من طرف المجلس الأعلى للحسابات للسنوات الخمس القادمة 2022 ـ 2026.
هذا المخطط الخماسي، الذي يرتكز كما ذكرت رئيسة المجلس الأعلى للحسابات، على مقاربة النتائج والاثر ومواكبة الإصلاحات الكبرى، ومواكبة تحسين قدرات الإدارة لتنفيذ السياسات العمومية بفعالية بوتيرة أسرع مع تركيز التدبير على نجاعة الآداء وخدمة المواطن والاستفادة من التكنولوجيات الحديثة.
فضلا عن إحداث المجلس الأعلى للحسابات، لمنصة رقمية لتيسير عمليات التواصل مع مختلف الأطراف المعنية من قطاعات وزارية ومؤسسات عمومية، مع اعتماد وتيرة لتتبع التوصيات المتضمنة في التقارير الصادرة عن المجلس، ومدى تنفيذها بخصوص القطاعات المتفحصة من طرفه، وسيشرع العمل بهذه المنصة ابتداء من شهر يونيو المقبل.
وذكرت زينب العدوي، ان المجلس سيعمل على غرار الهيئات العليا للرقابة الرائدة دوليا على اعداد تقارير حول مظاهر التحسن المسجلة في التدبير العمومي لكل قطاع وحول مدى الاستجابة والتقدم في تفعيل التوصيات.
كما أن المجلس سيواكب اوراش إصلاح المالية العمومية وتنزيل مقاربة التدبير المرتكز على النتائج وكذا مواكبة إشكاليات التدبير العمومي وتنزيل السياسات والبرامج العمومية وتقييمها ورصد الاختلالات التي قد تعتريها بما فيها تنزيل النموذج التنموي الجديد.
وأرسلت زينب العدوي في عرضها أمام البرلمان، رسالة صارمة سجلت من خلالها موقفا منتقدا لتأجيل بعض الإصلاحات عندما ذكرت" انه على الرغم من صدور القانون الإطار رقم 21.50 المتعلق بإصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية والقانون رقم 20.82 المحدث للوكالة الوطنية للتدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة منذ شهر يوليوز 2021 فإنه لم يتم الشروع في التنفيذ الفعلي لهذا الإصلاح الحيوي وتحديد محطاته الأساسية ضمن خارطة طريق توضح الأدوار العملية لمختلف الفاعلين وتحديد الأفق الزمني للإنجاز."
فالبطء في تطبيق القانون 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات هو سيد الموقف، رغم صدور المرسوم التطبيقي بتاريخ 18 شتنبر 2020 بشأن تطبيق المادة 27 من القانون السالف الذكر بخصوص إحداث لجنة وطنية لتبسيط المساطر والإجراءات تحت رئاسة رئيس الحكومة.
واللجنة الوطنية لتبسيط المساطر والإجراءات حسب المرسوم التطبيقي تتكون من رئيس الحكومة، وزير الداخلية، الأمين العام للحكومة، إصلاح الإدارة، الاقتصاد الرقمي، ومن مهامها حسب القانون 55.19 تحديد استراتيجية لتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية والسهر على تتبع تنفيذها والمصادقة على مصنفات القرارات الإدارية.
لكن رغم ذلك ومنذ مدة لم يتم تفعيل اللجنة الوطنية ولم يتم تحديد استراتيجية وطنية لتبسيط الإجراءات والمساطر، كما لم يتم إصدار العديد من النصوص التنظيمية الأساسية، رغم أن القانون 55.19 من خلال المادة 33 حدد أجل أقصاه ستة أشهر ابتداء من نشر القانون في الجريدة الرسمية في حين ظل أمر نشر نصوص أخرى غير مقيد بأجل، وهو ما فتح الباب أمام التعثر والبطيء الذي طبع تنزيل القانون وورش الإصلاح إلى يومنا هذا.
وإذا كان القانون 55.19 ألزم الإدارات والمؤسسات العمومية جميعها بإعداد مصنفات قراراتها الإدارية واعتماد الرقمنة وإقرار تبادل الوثائق والمستندات بين الإدارات رقميا و معالجة طلبات القرارات الإدارية بواسطة التكنولوجيا الرقمية، فإن عدم صدور نص تنظيمي بشأن نوعية الوثائق والمستندات الضرورية، وكذا التنصيص في القانون على أجل 5 سنوات من تاريخ دخول القانون حيز التنفيذ لاعتماد التكنولوجيا الرقمية، كل ذلك ساهم بشكل سلبي في البطء وعدم تفعيل القانون ورجوع بعض الإدارات إلى سابق عهدها، بنهج السلوكيات السلبية والضارة بالمواطنين وبمناخ الأعمال والاستثمار وبالاقتصاد الوطني.
وعلى كل حال، فإن عدم انعقاد اللجنة الوطنية لتبسيط المساطر والإجراءات تحت إشراف رئيس الحكومة، كما هو منصوص عليه في القانون، يجعل أمر تسريع وتيرة الإصلاح الإداري محط سؤال عريض؟؟ وذلك رغم تسجيل الإشارتان الإيجابيتان خلال بحر هذا الأسبوع في سياق إصلاح الإدارة ومناخ الاستثمار، كما سلف الذكر، فهل ستكتب لهاتان الإشارتان الاستمرارية والفعالية؟