اقتصادكم ـ شعيب لفريخ
إن إصلاح منظومة الصفقات العمومية، ينبغي أن يعالج إشكالات اختلال الممارسة وضررها على المال العام والمقاولة والاستثمار والاقتصاد، وعدم الاكتفاء بإصلاح جزئي بسيط يترك الاختلالات الخطيرة الأخرى بدون إصلاح.
شهد اليوم التشاوري المشترك الذي نظم بالبرلمان بغرفتَيه بين لجنتي المالية بمجلسي النواب والمستشارين، مع الحكومة حول إصلاح منظومة الصفقات العمومية، يوم الأربعاء الماضي، بعد العرض الذي قدمه الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، حول تصور الحكومة لإصلاح منظومة الصفقات العمومية، عدة تدخلات وانتقادات، انتقلت بالمناقشة من سياق الإصلاح القانوني إلى سياق إصلاح الممارسات المضرة ليس فقط بالمقاولات وإنما بالاستثمار والاقتصاد الوطني بشكل عام.
فإصلاح الممارسة، له علاقة بتجويد نظامِ الحكامة، والشفافية والتنافس الشريف، والمناخ الملائم للاستثمار، والقطع مع أشكال الفساد الرشوة والاحتكار، فالصفقات العمومية تشكل لوحدها حوالي 24 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، وهو ماله علاقة بالاستثمار والمقاولة، الشيء الذي ينبغي معه إتاحة الحق في الولوج إلى الطلبية العمومية بشكلٍ متكافئ.
الإصلاح القانوني لمنظومة الصفقات العمومية امتد مع مرسوم 1998، ثم مرسوم 2007، إلى مرسوم 20 مارس 2013، لكن الإصلاح الحقيقي كما جاء في انتقادات إحدى النائبات من أحد فرق المعارضة " هو الذي لا يكتفي بإصلاح المنظومة القانونية، ولكن يتجاوزه إلى إصلاح اختلالات الممارسة، وتعزيز المراقبة، وتجويد إنجاز الصفقات العمومية من خلال تجميع النصوص المتشتتة المؤطرة للصفقات العمومية في قانون إطار للصفقات العمومية ضمن مدونة الصفقات العمومية، عوض الاكتفاء بإصدار مرسوم فقط"
ومن بين اختلالات عملية إبرام الصفقات العمومية التي تم توجيه انتقادات إليها، هناك ما يلي:
1ـ اللجوء بشكل يفوق التصور إلى الطرق الاستثنائية وبدون مبرر، وهو ما يضع الطرق الاستثنائية لعقد الصفقات العمومية بالطرق التفاوضية، أو من خلال سندات الطلب موضع اتهام.
2ـ العديد من الصفقات العمومية لا يتقدم لها، بعد الإعلان عنها، بشكل جدي، إلا متنافس وحيد، بسبب "لتفاهمات غير المشروعة" بالاحتيال على القانون، بل الأنكى من ذلك، وضدا على القانون، هناك صفقات عمومية تستفيد منها مقاولات، أصحابها لهم مشاكل أو سوابق في الإخلال بالتزاماتهم.
3ـ اختيار "العرض الأفضل ماليا للمقاولات" يكون في غالب الأحيان بشكل تدليسي على حساب الجودة، وعلى حساب أمور أخرى أساسية تضر بمجمل الخدمة وبالمنشآت العامة، ويؤدي فاتورة فسادها المال العام في النهاية.
4ـ تخلي العديد من الإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية عن مسك السجلات الخاصة بأوامر تنفيذ الأشغال وأوامر التوقف، وهو ما يعني التخلي عن حق التتبع والمراقبة لصالح المقاولات المحظوظة. هذا، بالإضافة إلى أضرار بليغة تلحق بمالية الدولة من جراء عدة خروقات على مستوى التتبع الكمي والنوعي والمراقبة التقنية من طرف الإدارات والمؤسسات العمومية، وهو ما يتمخض عنه تفاوتات ما بين كميات الأشغال المبرمجة في دفتر التحملات، والكمية المنجزة فعليا، وتلك التي تم تسديدها من خلال الكشوفات النهائي.
والجدير بالذكر، أن الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، قدم في سياق عرضه أمام لجنتي المالية بمجلسي النواب والمستشارين، تصورا حكوميا لإصلاح منظومة الصفقات العمومية، من خلال مشروع إصلاح المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية، الذي جاء حسب الوزير بجملة من الإجراءات التي تهم تعزيز الأفضلية الوطنية لولوج الصفقات العمومية.
ويتضمن المشروع إجراءات لتعزيز الأفضلية الوطنية، من خلال إدراج طلب العروض الوطني كمسطرة جديدة لإبرام الصفقات العمومية يخصص حصريا للمقاولات الوطنية وفقا لسقف يحدد حسب نوع الأعمال، الأشغال والتوريدات والخدمات، مقترحا تحديد السقف بالنسبة لصفقات الأشغال في 10 ملايين درهم و1.5 مليون درهم بالنسبة لصفقات التوريدات والخدمات.
كما يتضمن مشروع الإصلاح، إجراء توسيع في مجال تطبيق آلية الأفضلية الوطنية ليشمل كذلك صفقات التوريدات والخدمات والدراسات، وباعتبار أن السقف الحالي لتطبيق الأفضلية الوطنية والمحددة في 15 في المائة، فقد اقترح المشروع، رفع نسبة الأفضلية الوطنية إلى 20 في المائة المضافة للعرض المالي المقدم من طرف المقاولة الأجنبية.
العرض الحكومي لم يتطرق إلى إصلاح المنظومة في شموليتها بما في ذلك الممارسات المضرة بالمال العام والمقاولات وبالاقتصاد المغربي.