سنة فلاحية مأزومة تستدعي حكامة جيدة لمواجهة كارثة الجفاف

التحليل والرأي - 12-02-2022

سنة فلاحية مأزومة تستدعي حكامة جيدة لمواجهة كارثة الجفاف

شعيب لفريخ

قال وزير الفلاحة والتنمية  القروية  محمد  صديقي  في تصريح له لوكالة  بلومبرغ الأمريكية، بأنه يتوقع أسوأ انتاج زراعي في المغرب منذ عقود، في حين ذكر تقرير لنفس الوكالة أن مناطق حزام الحبوب في شمال افريقيا تعاني من أسوأ جفاف منذ 30 سنة، بينما وصفت وزارة الزراعة الأمريكية هذا الجفاف المحتمل بالاستثنائي.

إن تصريح وزير الفلاحة هو تعبير رسمي عن الحالة الاستثنائية التي ظهرت علاماتها ومؤشراتها مع نسبة قلة التساقطات المطرية في موسم الشتاء، وكلام الوزير هو تعبير عن حجم الكارثة التي تعرف حقيقتها و آثارها  الإدارات  المعنية  والدوائر المختصة في قطاعات الداخلية والفلاحة والماء والتجارة وغيرها..

أفة  الجفاف  هي  في  حقيقتها  كارثة وطنية يجب التعامل معها على هذا الأساس، ولابد لها من تضامن وطني ووعي عام متوافق في الآراء، وعلى كل حال، فالإدارة المغربية لها تجربتها وتراكماتها في مواجهة السنوات الجافة، لكن هذه السنة هي مختلفة نوعا ما، لأنها تصادفت مع مجهودات  الخروج من آثار لتداعيات الاقتصادية والاجتماعية لمرض كوفيد19،فضلا عن وجود تحولات ديمغرافية واجتماعية مرصودة سلفا.

فدعم أعلاف الحيوانات في المناطق الجافة، وإيصال مياه الشرب إلى محتاجيها، هي من الأمور التي ستفرض نفسها في بداية الأمر، وستبرز الحاجة الاستباقية إلى دعم الطبقات المعوزة والفقيرة في المناطق القروية وغيرها، عبر تفعيل وتقوية حكامة الدعم المباشر وغير المباشر، بما في ذلك برامج أوراش والتعاون الوطني والتنمية البشرية، التي ينبغي الرفع من مستوى حكامتها .

ولأن القطاع الفلاحي هو قاطرة النمو الاقتصادي بالمغرب، فستنخفض حتما نسبة النمو السنوي للاقتصاد المغربي المقدرة، وستضرر حتما منظومته مع كارثة الجفاف على مستوى خسائر المحاصيل وانخفاض   الإنتاج   الحيواني   وخسارة الصناعة والتجارة المرتبطة بالإنتاج الفلاحي والزيادة في أسعار المواد الغذائية وظهور البطالة المرتبطة بالقطاع والهجرة إلى المدن، فضلا عن الاختلالات في إمدادات المياه. 


وبخصوص موضوع ندرة المياه، فإذا كانت بعض الدول الأوروبية القريبة منا عندما ضربها الجفاف اتخذت إجراءات صارمة من بينها منع غسل السيارات وتبذير المياه وسن عقوبات وغرامات على ذلك، فكيف سيكون حالنا نحن  على سبيل المثال لا الحصر مع ملاعب الغولف ومياه سقيها التي تلحق الأذى بالفرشاة المائية والثروة المائية، وينبغي من باب الحكامة الرشيدة اتخاد تدابير استثنائية صارمة في مجال ندرة المياه، فضلا عن تفعيل المخططات التنموية في مجال معالجة المياه العادمة لاستعمالات السقي وكذا في مجال تحلية مياه البحر المنخفضة التكلفة كما هو في منطقة سوس ماسة ..
  
فعملية مواجهة كارثة الجفاف لا بد لها من حكامة وحكمة  لإدارتها  اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا بشكل مندمج  مع مختلف القطاعات الحكومية واتخاد  القرارات على أساس المراقبة والانذار المبكر والتنبؤ وتقييم المخاطر والآثار من أجل الاستجابة الفورية والتخفيف ، وإشراك أصحاب المصلحة وإيجاد حلول للتضاربات بين القطاعات التي تستخدم المياه مع سد الثغرات المؤسسية، والحرص على التقييم المستمر لسياسة إدارة الجفاف، حتى يتمكن للاقتصاد الوطني الخروج من هذه الكارثة بأقل الأضرار.