اقتصادكم ـ شعيب لفريخ
وافق مجلس الحكومة يوم أمس الخميس على مشروع القانون رقم 30.22 بتغيير وتتميم ظهير 24 فبراير 1958بالمتعلق بالنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، بغية أن يتضمن هذا القانون تنفيذ اتفاق 30 ابريل 2022 مع النقابات، بشأن استفادة كل من الرجل الموظف والمرأة الموظفة بالقطاع العام من رخصة ولادة الأطفال.
فالرجل الذي ولد له طفل سيستفيد من رخصة عن الأبوة، مدتها خمسة عشر (15) يوما متصلة ومؤدى عنها، أما المرأة الموظفة فستستفيد طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، من رخصة كفالة الطفل، وكذا من رخصة عن الرضاعة، تحدد مدتها في ساعة واحدة في اليوم، ابتداء من تاريخ استنفاد الرخصة الممنوحة عن الولادة أو الكفالة، إلى غاية بلوغ الطفل المولود أو المتكفل به سن أربعة وعشرين (24) شهرا.
لكن المشكل التمييزي الكبير، هو أن هذه الاستفادة ستقصر على موظفي وموظفات القطاع العام التابع للدولة ومؤسساتها، دون إخوانهم وأخواتهم من أجراء ومستخدمي القطاع الخاص، وهذا شيء يتنافى مع مبدأ المساواة المتضمن في الوثيقة الدستورية.
وهذا الخرق الدستوري الفاضح، من طرف الحكومة هو أداء لا دستوري غير موفق، وستكون له آثار سلبية عاجلة على نفسية ووجدان أجراء القطاع الخاص.
فتصدير دستور 2011، الذي هو جزء لا يتجزأ من الوثيقة الدستورية، يتضمن الآتي: " مجتمع متضامن يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية ومقومات العيش الكريم."
فأين الحكومة من الالتزام باحترام الوثيقة الدستورية، وأين هي النقابات من ذلك، ومن احترام هذه الأخيرة لقواعدها العريضة المتشكلة من أجراء القطاع الخاص.
فالتمييز بين أجراء القطاع العام والقطاع الخاص، هو سائد أيضا ومنذ مدة طويلة على مستوى أنظمة التقاعد غير المتجانسة والتمييزية، والتي يتوق الجميع إلى إصلاحها بما يرفع التمييز والحيف عن أجراء القطاع الخاص.
فموظفو القطاع العام، كما هو معلوم، ليس لهم سقف فيما يتعلق بنظام التقاعد وبالمساهمات التي ينتج عنها تقاعدا مريحا، كما هو الشأن بخصوص موظفي المؤسسات العمومية الأخرى الذين لهم سقف 19 ألف درهم والذي يضمن هو الآخر تقاعدا مريحا، يساوي أكثر من نصف السقف المفروض على أجراء القطاع الخاص المنخرطون بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
إن الوثيقة الدستورية التي تشكل "روح" النموذج التنموي الجديد، وتشكل أيضا "روح" شعار الدولة الاجتماعية، ينبغي احترامها، خاصة فيما يتعلق بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص، لأن خلق التمييز وتكريسه بين أجراء القطاعين العام والخاص، هو في حد ذاته تخلي عن المرجعية الدستورية التي هي أسمى تشريع وأسمى قانون في البلاد.