هل حان دور الأسواق المالية لتمويل المقاولات الصغرى والمتوسطة؟

البورصة - 21-02-2025

هل حان دور الأسواق المالية لتمويل المقاولات الصغرى والمتوسطة؟

اقتصادكم


على الرغم من الجهود المبذولة لتنويع مصادر التمويل، لا يزال الائتمان البنكي يهيمن على الاستثمار الخاص في المغرب ويشكل عائقا أمام نمو المقاولات الصغرى والمتوسطة في الأسواق المالية. 

وأكد المشاركون في جلسة نقاش نظمت الخميس بالرباط، في إطار منتدى تحت شعار "تمويل الاستثمار: آليات لتلبية احتياجات؟"، على أهمية تعزيز دور الأسواق المالية في مواكبة المقاولات الصغرى والمتوسطة والمقاولات الناشئة.

دور الأسواق المالية في تمويل المقاولات الصغرى والمتوسطة

وخلال كلمته بهذه المناسبة، أكد المدير العام لبورصة الدار البيضاء، طارق الصنهاجي، على ضرورة تحقيق استفادة أفضل من البدائل المتاحة للتمويل البنكي، خاصة عبر الأسواق المالية. 

وأشار إلى أن الاستثمار الخاص في المغرب لا يزال في غالب الحال يعتمد على القروض البنكية، بينما من شأن أدوات، مثل البورصة، الاضطلاع بدور أهم في دعم المقاولات، لاسيما المقاولات الصغرى والمتوسطة وتلك الناشئة.

وفي هذا السياق، استعرض السيد الصنهاجي الجهود المبذولة خلال السنوات الأخيرة والرامية لخلق زخم ببورصة الدار البيضاء وتشجيع المزيد من المقاولات على اللجوء إليها، مبرزًا أهمية تعزيز ثقة المستثمرين ونشر ثقافة البورصة داخل النسيج المقاولاتي.

استثمارات القطاع الخاص: منافع وتحديات

من جانبه، أكد نائب رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، مهدي التازي، أن الاستثمار الخاص في المغرب يسير في منحى تصاعدي، إذ بلغ إجمالي الاستثمارات الخاصة ما يعادل 320 مليار درهم من سنة 2022 إلى اليوم، مقابل هدف تحقيق 550 مليار درهم بحلول 2026. واعتبر أن هذا الزخم يعكس مناخًا ملائمًا للاستثمار وتعبئة متنامية للقطاع الخاص لتوخي الأهداف التي حددتها الحكومة في مجال النمو الاقتصادي.

وعلى الرغم من ذلك، أشار التازي إلى أن حصة الاستثمار الخاص من إجمالي الاستثمارات الوطنية لا تزال دون المستوى المحدد، حيث إنها تقر حاليًا بـ 40 في المائة، وهي نسبة تعرف تحسنًا مستمرًا إلا أنها لا تزال بعيدة عن الهدف المحدد عند 60 في المائة، والرامي إلى قلب المعادلة التاريخية التي شهدت هيمنة الاستثمار العمومي.

النجاحات المحققة عبر ميثاق الاستثمار

بدوره، أبرز المدير العام للوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات، علي صديقي، النجاحات التي أحرزها ميثاق الاستثمار، لا سيما من حيث مضاعفة الاستثمارات التي تمت مواكبتها أربع مرات مقارنة بالآليات السابقة. وأوضح صديقي أن هذا الميثاق كان له دور محفز، إذ خلق بيئة مواتية للاستثمار الخاص، من خلال توقيع التزامات متبادلة لحوالي 191 مشروعًا بقيمة إجمالية تناهز 326 مليار درهم.

وأشار إلى أنه على الرغم من كون المشاريع المؤهلة أكبر حجمًا (تفوق 50 مليون درهم)، إلا أن هذا الميثاق مكن أيضًا من دعم المقاولات الصغيرة جدًا وتعزيز ثقة القطاع الخاص، مما يسهل ولوجها إلى التمويلات الخاصة.

التحولات في التمويل البنكي ودور الأسواق المالية

أما رئيس الجمعية المغربية للمستثمرين في رأس المال، حسن لعزيري، فقد تطرق إلى التطورات التي يشهدها التمويل البنكي في ظل التحولات الراهنة نحو نظام رأسمالي أكثر انفتاحًا. وأورد أن المقاولات التي تلجأ إلى سوق الرساميل تكون في الغالب أكبر حجمًا، وتحظى بهياكل حكامة شفافة وآليات داخلية متينة.

واعتبر أن هذه التحولات تدعمها سياسات ضريبية تحفز الشفافية وخفض تكاليف التدبير، مما يجعل المقاولات الصغيرة جدًا أكثر استقطابًا في نظر المستثمرين. كما استعرض أوجه التكامل بين التمويل البنكي وأسواق الرساميل، إذ يرى أن التمويل البنكي سيظل ركيزة أساسية، لكن أسواق الرساميل، خاصة تلك التي تحظى بثقة المستثمرين وصناديق التقاعد، ستضطلع بدور محوري في تسريع تمويل المقاولات المغربية.

ضرورة بلورة أدوات مالية متنوعة لدعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة

في السياق ذاته، أبرز لعزيري أهمية بلورة أدوات مالية متنوعة، مثل صناديق الديون، لدعم المقاولات الصغرى والمتوسطة والمقاولات الناشئة، مع الحرص على ضمان تحقيق توازن بين المديونية والنزاهة في استراتيجياتها التمويلية.

دور البنوك في تشجيع الاستثمار الوطني

من جهته، شدد المدير العام المنتدب المكلف بقطب التعاون والاستثمار (Corporate & Investment Banking) لدى مجموعة التجاري وفا بنك، يوسف الرويسي، على أهمية التوفر على استثمار وطني مستقر يتسم بديناميات إيجابية في ظل إطار مؤسساتي قوي. وبذلك، أبرز الآليات التي تم إرساؤها من أجل تشجيع الاستثمار، بما فيها تبسيط الإجراءات الإدارية ورقمنة الخدمات العمومية، كما أشار إلى الجاذبية القوية التي يتمتع بها المغرب باعتباره منصة إقليمية للاستثمارات.

وفي المقابل، أكد الرويسي على ضرورة تسريع وتيرة الاستثمار في القطاع الخاص، بهدف تعزيز اندماجه في أنظمة اقتصادية جديدة، خاصة في مجالات الطاقات المتجددة وصناعة السيارات.

تجدر الإشارة إلى أن هذا المنتدى، الذي نظمته المدرسة الوطنية العليا للإدارة بشراكة مع هيئة الخبراء المحاسبين، ضم صناع قرار من القطاع العمومي، وفاعلين في القطاع الخاص، إلى جانب أكاديميين وخبراء، لبحث سبل تمويل الاستثمار وتعزيز مردوديته.