اقتصادكم - حنان الزيتوني
لم يسلم المغرب، كباقي دول العالم، من تصاعد التوترات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية، من حرب أوكرانيا وروسيا، مرورا بالعدوان على غزة، ثم إلى الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والعالم وما صاحبها من اضطرابات على مستوى الأسواق الدولية، حيث وجدت المملكة نفسها أماما تحديات متزايدة مرتبطة بأمن الطاقة واستقرار سلاسل التوريد، لكنها في المقابل تلوح بورقة الفرص الاستثمارية، في وقت يعيد فيه العالم رسم خريطة التموضع الاقتصادي.
ويستمر المغرب في التموقع كبلد مستقر اقتصاديا، يسعى إلى تعزيز جاذبيته الاستثمارية، وتطوير شراكاته بعيدا عن الاصطفاف التقليدي بين الشرق والغرب. فبينما تعيد القوى الكبرى رسم خريطة نفوذها، يتحرك المغرب بخطى هادئة لكن واثقة داخل هذا المشهد المعقد، ويبحث عن اقتناص هذه الفرص، لتوطين سلاسل إنتاج جديدة وتعزيز مكانته كمركز إقليمي للتصنيع والخدمات اللوجستية.
استقرار نسبي
وفي هذا السياق، برى الخبير الاقتصادي المهدي لحلو في تصريح لموقع “اقتصادكم”، أن المغرب يسير في منحى إيجابي، مستفيدا من استقراره الداخلي رغم التغيرات الدولية.
وأكد لحلو أن المغرب لم يتأثر بشكل مباشر بالأحداث الجيوسياسية الحالية، موضحا أن التبعات التي يواجهها اليوم ناتجة عن صدمات سابقة، مثل الحرب الروسية الأوكرانية، التي أثرت على عدد من الدول، وليس فقط على المغرب.
وأضاف أن المملكة تمكنت من الحفاظ على أمنها الطاقي واستقرار سلاسل التوريد، مشيرا إلى أن الوضع الحالي يتطلب تعزيز الحذر والتخطيط الاستراتيجي، خاصة فيما يتعلق بالأسواق الدولية ومصادر الاستيراد.
منافسة على الاستثمارات
وفيما يخص فرص المغرب في جذب الاستثمارات التي تغادر آسيا بفعل التوتر الصيني الأمريكي، أوضح لحلو أن جميع دول العالم أصبحت تتنافس على استقطاب استثمارات القوتين الاقتصاديتين.
وأشار إلى أن الصين تسعى لتوسيع حضورها في القارة الإفريقية، وأن المغرب يعد من الدول المؤهلة لاحتضان هذه الاستثمارات، بفضل موقعه الجغرافي المميز، وبنيته الاقتصادية واللوجيستيكية المتقدمة.
ضعف أمريكي في المغرب
ورغم وجود اتفاقية التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة، فإن الاستثمارات الأمريكية تظل محدودة، بحسب الخبير الاقتصادي، الذي أرجع ذلك إلى عدة عراقيل، أبرزها حاجز اللغة، والاختلافات التكنولوجية، إضافة إلى محدودية انفتاح الاقتصاد المغربي على نظيره الأمريكي.
وفي المقابل، شدد لحلو على أن الصين تظهر رغبة واضحة في الاستثمار داخل المغرب، ما يستوجب استعدادا مغربيا أكبر، سواء من حيث العقار أو التسهيلات الإدارية، أو تطوير الكفاءات البشرية.
وأكد أن المغرب يتوفر على يد عاملة مؤهلة، يمكن أن تساهم في إنجاح الاستثمارات الصينية، خاصة في قطاعات التكنولوجيا والبحث العلمي.