البنوك المغربية تعزز رؤوس أموالها بدعم من القواعد التنظيمية

الاقتصاد الوطني - 08-10-2025

البنوك المغربية تعزز رؤوس أموالها بدعم من القواعد التنظيمية

اقتصادكم

 

تشهد البنوك المغربية تحسنا ملحوظا في مستوى رؤوس أموالها، تزامنا مع تقارب الإطار التنظيمي الوطني مع المعايير الدولية، حسب تقرير لوكالة التصنيف الائتماني "فيتش". إلا أن رفع التصنيف الائتماني للبنوك، خصوصًا فيما يتعلق بـ"درجة الملاءة"، لا يزال غير مرجح ما لم تتحقق تطورات إيجابية في مجالات أخرى كجودة الأصول والربحية.

يقوم بنك المغرب تدريجيًا بتطبيق إطار عملية التحكم والتقييم الاحتياطي SREP ـ (Supervisory Review and Evaluation Process )، على أن يكتمل تنفيذه بحلول سنة 2027. ويُعد هذا الإجراء خطوة أساسية نحو تعزيز رأسمال البنوك وتحسين حوكمة المخاطر في القطاع البنكي.

ومن أبرز مخرجات هذا الإطار فرض زيادات في متطلبات رأس المال على الثلاث بنوك النظامية الكبرى في المغرب: التجاري وفا بنك، بنك أفريقيا، ومجموعة البنك الشعبي، حيث تم رفع الحد الأدنى لمعدل رأسمال الشريحة الأولى (Tier 1) من 9% إلى 11%. ويعزز هذا التقارب مع المعايير الدولية من قدرة البنوك المغربية على الصمود في وجه الصدمات المالية.

تحسينات ملموسة ولكن تصنيفات الائتمان لا تزال ثابتة

رغم هذا التقدم، ترى وكالة "فيتش" أن هذه التحسينات غير كافية بمفردها لتحسين التصنيف الائتماني للبنوك. فبعض المؤسسات لا تزال تعاني من هامش محدود في رأس المال، وتحتاج إلى تحسين جودة الأصول والظروف التشغيلية لتعزيز ملاءتها المالية.

وبحسب التقرير، فقد تحسنت مؤشرات رسملة البنوك بشكل مستمر منذ 2021، مدعومة بزيادة في الأرباح وتشديد اللوائح. وقد سجلت النتائج الصافية الموطدة لأكبر سبع بنوك مغربية ارتفاعًا بنسبة 20% خلال النصف الأول من عام 2025، بفضل تراجع مخصصات القروض المتعثرة وتحسن أداء أنشطة التداول.

وبلغ متوسط معدل رأس المال الأساسي من الفئة الأولى (CET1) 10.9% بنهاية يونيو 2025، مقابل 10.8% في نهاية 2024، بفارق 290 نقطة أساس فوق الحد الأدنى القانوني. وبلغ معدل Tier 1 حوالي 11.9%، وهو ما يعكس صلابة القطاع، حيث تجاوزت البنوك الثلاث الكبرى هذا المعدل الجديد البالغ 11%.

إصلاحات لتعزيز الحوكمة وإدارة المخاطر

يتطلب إطار SREP من البنوك إجراء تقييمات ذاتية شاملة، وتصحيح أوجه القصور المحتملة في نموذج أعمالها، وحوكمتها، ورأس مالها، وسيولتها. وتوقعت "فيتش" أن تساهم هذه الخطوات في تحسين الرقابة الداخلية وتعزيز إدارة المخاطر.

وقد أدخل بنك المغرب إصلاحات إضافية، مثل فرض معدلات مخاطر تصاعدية على الأصول المصادرة، تبدأ بـ100% في السنة الأولى وتصل إلى 250% في السنة الرابعة. ويهدف هذا الإجراء إلى تسريع تسوية الأصول المتعثرة والحد من تراكمها في ميزانيات البنوك، مما يعزز من جودة الأصول ومرونة رأس المال.

كما أن المغرب يُعد من الدول الإفريقية المتقدمة في تطبيق معايير "بازل 3"، حيث تقوم البنوك بنشر بياناتها حول نسب السيولة والرافعة المالية والتمويل المستقر.

بيئة اقتصادية داعمة

تأتي هذه التطورات في ظل تحسن الوضع الاقتصادي الوطني. حيث تتوقع "فيتش" نموًا اقتصاديًا بنسبة 4.4% في 2025 و3.9% في 2026، مدفوعًا بارتفاع الطلب الداخلي، وتحسن الإنتاج الفلاحي، وأداء جيد لقطاعي السياحة والصناعة.

كما تراجع معدل التضخم إلى متوسط 1.7% في بداية 2025، مما يتيح لـ بنك المغرب الحفاظ على سياسة نقدية مرنة. وتواصل الحكومة نهج سياسة مالية توسعية عبر ضخ استثمارات في مشاريع البنية التحتية، مما يعزز النمو.

ويضع هذا المناخ الإيجابي، إلى جانب تحسن رسملة البنوك، المؤسسات المالية المغربية في موقع جيد لتمويل مشاريع الاستثمار، مع توقعات بأن يتراوح نمو القروض بين 4% و6% خلال عامي 2025 و2026.

ورغم أن رأس المال كان نقطة ضعف البنوك المغربية بسبب تركز المخاطر والتعرض لأسواق خارجية هشة، فإن الإصلاحات الجارية والالتزام بالإطار التنظيمي الجديد، تعكس تحولًا استراتيجيًا نحو قطاع بنكي أكثر صلابة واستدامة في المغرب.