اقتصادكم-حنان الزيتوني
يعيش تجار الذهب في المغرب حالة من الترقب الحذر في ظل الارتفاعات المتتالية التي تشهدها أسعار المعدن الأصفر، والتي انعكست بشكل مباشر على الطلب المحلي، فبينما يرى بعض المستثمرين في هذا الصعود فرصة استثمارية مغرية، يتخوف آخرون من أن يؤدي استمرار ارتفاع الأسعار إلى ركود في سوق الحلي والمجوهرات، خاصة في ظل تراجع القدرة الشرائية للمستهلكين.
وفي خضم التطورات الجيوسياسية الأخيرة، سجلت الأسواق العالمية تراجعا طفيفا في أسعار الذهب عقب إعلان اتفاق الهدنة بين إسرائيل وحماس، ما خفف مؤقتا من حدة التوترات في الشرق الأوسط وأدى إلى انخفاض محدود في الإقبال على الملاذات الآمنة، ومع ذلك، لا يزال المعدن النفيس يحافظ على مستوياته المرتفعة، مدعوما بعوامل اقتصادية عالمية تشمل مخاوف التضخم وتذبذب أسعار العملات.
ارتفاع الأسعار وتأثيره على الطلب
وفي تصريح لموقع "اقتصادكم"، قال حسن أوداود، تاجر ذهب بمدينة الدار البيضاء ومتخصص في تصنيع وتسويق المجوهرات، إن “الارتفاع التاريخي لأسعار الذهب يحمل وجهين مختلفين، فهو من جهة يمثل فرصة ثمينة للمستثمرين الذين اقتنوا المعدن الأصفر في فترات سابقة بأسعار منخفضة، ومن جهة أخرى يخلق نوعًا من الجمود في الحركة التجارية داخل السوق المحلي".
وأضاف أوداود أن “الذهب في المرحلة الحالية يؤكد مكانته كملاذ استثماري آمن في ظل تضخم عالمي غير مسبوق، إذ لاحظنا أن من اشترى الذهب عندما كان السعر يتراوح بين 400 و700 درهم للغرام، تضاعفت قيمة استثماره بشكل ملحوظ".
وأوضح المتحدث أن “الارتفاع السريع والمتواصل في الأسعار جعل المتعاملين في السوق أكثر حذرا، لأن وتيرة الصعود الحالية لا تتيح استقرارا يسمح بانتعاش المبيعات” ، وأشار إلى أن “الزبائن يحتاجون عادة إلى وقت للتأقلم مع المستويات السعرية الجديدة، ما يؤدي مؤقتا إلى ركود يقارب 50 في المائة في الطلب على الحلي والمجوهرات".
الأفق القريب وتوقعات السوق
وأكد أوداود أن “استقرار الأسعار هو العامل الحاسم في إعادة الحيوية إلى الأسواق، فكلما استقرت الأسعار، عاد النشاط تدريجيا” ، كما شدد على أن “الذهب سيظل يجذب المستثمرين، خاصة أولئك الذين يثقون في قوته كخيار استثماري بعيد المدى يحافظ على القيمة في مواجهة تقلبات العملات والأزمات المالية".
وعلى الصعيد العالمي، شهدت أسواق الذهب اليوم الخميس تصحيحا طفيفا بعد موجة ارتفاع غير مسبوقة دفعت الأسعار إلى تجاوز حاجز 4,000 دولار للأوقية للمرة الأولى في التاريخ، وسط ضبابية اقتصادية واضطرابات سياسية تهز الأسواق الدولية، فقد انخفض الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.4 في المائة إلى 4021.99 دولارا للأوقية بعد أن لامس أمس الأربعاء أعلى مستوى له عند 4059.05 دولارا، بينما تراجعت العقود الأمريكية الآجلة بنحو 0.7 في المائة لتصل إلى 4042.60 دولارا، وفق بيانات وكالة رويترز.
ويرى محللون أن استمرار التقلبات في أسعار الذهب مرتبط بتوجهات البنوك المركزية العالمية، خصوصا في ظل التوقعات بخفض أسعار الفائدة الأمريكية خلال الأشهر المقبلة.