اقتصادكم
في ظل انتعاش اقتصادي واعد ورؤية استراتيجية تستشرف أفق 2030، يواصل القطاع العقاري تجديد نفسه، مستفيدًا من دينامية وطنية واسعة، لكنه يواجه أيضا تحديات تتطلب حلولًا ذكية وتنسيقًا محكمًا بين الفاعلين.
ويرى الخبير العقاري أمين المرنيسي أن "الزخم الاقتصادي الذي يشهده المغرب حاليًا، خصوصًا مع التحضيرات لاحتضان مونديال 2030، يعزز مؤشرات الانتعاش في القطاع العقاري، غير أن هذا الحماس يجب أن لا يغفل احتمالات الارتفاع المبالغ فيه في الأسعار، لا سيما في المدن الكبرى."
وأضاف، في حوار مع أسبوعية Finances News Hebdo، أن السوق يشهد حالة تفاؤل عامة تشمل مختلف مكونات العقار، من السكني إلى التجاري، ومن اللوجستي إلى السياحي، مشيرًا إلى أن "المغرب يبني بكل الاتجاهات"، وهو ما يخلق بيئة خصبة للاستثمار والتنمية العمرانية.
برنامج الدعم المباشر للسكن: إنجازات ميدانية وآفاق للتحسين
وعن تقييمه لبرنامج الدعم المباشر للسكن، أوضح المرنيسي أن "المبادرة الحكومية طموحة جدًا"، حيث استقبلت المنصة الرسمية أزيد من 128 ألف طلب منذ مطلع 2024، وتم التوقيع على قرابة 30 ألف عقد شراء فعلي.
لكن، رغم هذا النجاح الأولي، يرى الخبير أن هناك حاجة إلى تقييم أعمق للعراقيل التي تمنع البرنامج من بلوغ كامل إمكاناته. فبحسبه، "العديد من المنعشين يواجهون صعوبات في توفير سكن بأقل من 300.000 درهم بسبب ارتفاع تكاليف الأرض ومواد البناء، ما يعقّد المعادلة الاقتصادية للمنتجين والمستفيدين على حد سواء."
السوق الإيجاري: فرصة واعدة بشروط
وفي ما يخص سوق الإيجار، اعتبر المرنيسي أن "الاهتمام المتزايد بهذا القطاع يُعدّ علامة صحية"، حيث بدأ يظهر نوع من الاحترافية في إنتاج وتسويق الأصول العقارية للإيجار، مما يعطي دفعة لمنظومة متكاملة تشمل المنعشين، والمسوقين، ومديري الأصول، والمصممين الداخليين.
ومع ذلك، حذّر من "الانفصال بين قيمة الأصل العقاري والعائد الإيجاري"، وهو ما قد يحد من جاذبية الاستثمار في هذا المجال على المدى الطويل إذا لم يتم التحكم في الأسعار بشكل مدروس.
نحو قطاع أكثر توازنًا واستدامة
واختتم الخبير تحليله بالتأكيد على أن "المطلوب اليوم ليس فقط دعم الطلب، بل ضمان توفر العرض المناسب بجودة وسعر معقولين، وتحقيق معادلة مربحة للجميع: الدولة، المستثمر، والمواطن الباحث عن سكن لائق."
ويتمثل الرهان الحقيقي أيضا في الحفاظ على دينامية النمو دون الانزلاق إلى فقاعات سعرية، والعمل على تمكين المواطنين من الولوج للسكن في إطار من العدالة والشفافية والتوازن الاقتصادي.