العملات المشفرة.. عالم من الفرص أم لعبة محفوفة بالمخاطر؟

الاقتصاد الوطني - 01-02-2024

العملات المشفرة.. عالم من الفرص أم لعبة محفوفة بالمخاطر؟

اقتصادكم

 

 أحدثت العملات الرقمية ثورة في عالم المال بفضل قدرتها على النمو السريع والأرباح المغرية التي تحققها، بيد أن طبيعتها اللامركزية وغير المقننة يسببان تضاربا معقدا في الآراء.

"هل أنت جاهز لكسب الأموال؟"، "انضم إلينا لتبلغ قمما مالية جديدة"، "سجل نفسك لتحقق أرقاما قياسية هائلة"... تلك هي أبرز الإعلانات المغرية والمنتشرة على منصات التداول.

ويحتل المغاربة، المعجبون بهذه المنصات الافتراضية ذات الشعبية الكبيرة، بالرغم من حظرها، المرتبة الـ20 عالميا من بين المستخدمين في سنة 2023، وفقا للتصنيف الذي أصدرته مؤخرا شركة تحليل السوق الأمريكية "تشيناليسيس" (Chainalysis).

ووفقا لعثمان فهيم، الخبير الاقتصادي لدى المرصد المغربي للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، فقد امتلك 1,15 مليون مغربي على الأقل أصولا افتراضية خلال سنة 2022.

وأبرز فهيم أن "الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و30 سنة يعدون أبرز المستثمرين المنجذبين للمزايا التي توفرها العملات المشفرة للوصول إلى مجموعة متنوعة من الخدمات الرقمية وتعزيز وضعهم المالي".

ومع ذلك، فقد خسر المغرب ستة مراكز في التصنيف العالمي الأخير لمؤشر اعتماد العملات المشفرة مقارنة بسنة 2022 (المركز 14). وهو وضع يفسره الخبير بالتحذيرات المتتالية من قبل المشرعين المغاربة الذين ما زالوا يفكرون في كيفية إرساء القوانين اللازمة.

وكان عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، قد أكد أنه يجري حاليا إعداد مشروع قانون لتقنين الأصول المشفرة، طبقا للتوصيات الصادرة عن قمة العشرين الأخيرة.

وأضاف الخبير أن "تقنين العملات المشفرة قد يصطدم بعراقيل عديدة. بحيث أن الطبيعة اللامركزية للعملات المشفرة تجعل من الصعب إحداث إطار قانوني موحد ومتناغم على الصعيد العالمي".

وعلى الرغم من كون المخاوف المرتبطة بتقلب الأسعار ومخاطر الاحتيال تقوي التوجه نحو حظر العملات المشفرة، فإن غياب تقنين عالمي ولامركزية القطاع يواصلان خلق بيئة مواتية للنصب وتمويل الأنشطة اللامشروعة.

العملات المشفرة.. نحو تكنولوجيا للعملات الرقمية (blockchain) مراقبة؟

تم تصميم التكنولوجيا المتعلقة بالعملات الرقمية، والتي يطلق عليها مسمى "blockchain"، لتكون لا مركزية وتحفظ هوية المستخدم قيد الكتمان، وهو ما أدى لغياب إطار قانوني عالمي حتى الآن، مما يجعل المراقبة والتقنين في غاية الصعوبة. ويظل العثور على التوازن الصحيح بين حماية المستخدم والابتكار التحدي الأكبر الذي يعترض الهيئات التنظيمية، والذي يبدو أن المغرب يتعامل معه بشكل جيد.

وهكذا شرعت المملكة بالفعل في إعداد مشروع قانون يتعلق بتقنين الأصول المشفرة. وكان السيد الجواهري قد صرح خلال ندوة صحفية، على هامش الاجتماع الفصلي الرابع لمجلس بنك المغرب خلال سنة 2023، بأن "الهدف الأساسي من هذا القانون هو مواءمة القوانين المغربية مع المعايير الدولية المتعلقة بالأصول المشفرة، من خلال اعتماد مقاربة صارمة تهدف إلى تأمين المستثمرين وضمان استقرار النظام المالي".

وبالمناسبة ذاتها، أشار الجواهري، إلى التقدم الذي أحرزه بنك المغرب في مشاريعه المتعلقة بالعملة الوطنية للبنك المركزي، مسجلا أن فريق عمل، وبتعاون وثيق مع خبراء تقنيين ومع صندوق النقد الدولي، يسهرون على تقدم هذا المشروع.

وأشار الجواهري، إلى أن تقريرا صدر مؤخرا بخصوص العملة الوطنية للبنك المركزي، يقوم بنك المغرب حاليا على تحليله، يركز على الاستخدام المحتمل لهذه العملة لتعزيز الاندماج المالي، والذي يعد أمرا بالغ الأهمية بالنسبة للبلدان النامية، معتبرا أن العملة الوطنية للبنك المركزي يمكن أن تضطلع بدور هام في تحسين إمكانية التتبع، وخفض تكاليف المعاملات وآجالها.

ومن جهة ثانية، تعد منصات التداول الزائفة، التي يمكن أن تكون مقنعة للغاية، من المشاكل الرئيسية التي يطرحها القطاع، وذلك باستخدام مواقع رقمية وأساليب تسويقية متطورة لجذب الأشخاص غير المحتاطين.

ويمكن لهذه المنصات أن تعد بعوائد مرتفعة، ورسوم رخيصة وواجهة سهلة الاستخدام. لكن القصد الحقيقي من ورائها هي استخلاص الأموال أو البيانات الشخصية من المستخدمين، وهو الأمر الذي يجعل من حماية البيانات الشخصية، بالإضافة إلى مسألة حماية المستهلك، تحديا وأمرا جديرا بالاهتمام  لذلك ينبغي توخي الحذر!.