اقتصادكم
يحمل استضافة كأس العالم تأثيرات اقتصادية وثقافية ضخمة على الدول المضيفة، ومنه يمكن أن تكون استضافة كأس العالم محفزًا كبيرًا لعدة قطاعات في المغرب مثل السياحة، البنية التحتية، التجارة، وفرص العمل. فمن المتوقع أن يستقطب الحدث ملايين الزوار من مختلف أنحاء العالم، مما ينعش السياحة ويدعم قطاعات مثل الفنادق والمطاعم والنقل. كما أن الاستثمارات في البنية التحتية، مثل بناء وتجديد الملاعب، الطرق، والمطارات، قد تسهم في تحسين البنية الأساسية على المدى الطويل.
وبسطت دراسة أجراها المعهد المغربي لتحليل السياسات "mipainstitute" بعنوان "هل يعدّ استضافة كأس العالم حافزًا مفيدًا لاقتصاد المغرب؟"، الفوائد الملموسة وغير الملموسة لتنظيم هذا الحدث الرياضي الضخم، مشيرة إلى أن أغلب الدراسات التجريبية تتجاهل الفوائد “غير الملموسة” المحتملة الناتجة عن استضافة كأس العالم، حيث يمكن لتبني منظور أوسع بشأن المزايا المحتملة لتنظيم حدث رياضي كبير أن يفسر التنافس بين الدول المحتملة لاستضافة هذا الحدث.
تطوير البنية التحتية الرياضية
وفقًا لمتطلبات الفيفا، من المتوقع أن يوفر الشركاء الثلاثة المستضيفون 18 ملعبًا لاستضافة المنافسات. وبافتراض توزيع متساوٍ بين الشركاء الثلاثة، يمكن أن يساهم المغرب بـ6 ملاعب للحدث. بناءً على المعلومات المتاحة، تتضمن البنية التحتية الرياضية المقترحة ما يلي:
ملعب الحسن الثاني: يقع في مدينة بنسليمان، بتكلفة تقدر بـ5 مليارات درهم ويطمح المغرب إلى اعتماده كمكان لإقامة المباراة النهائية للبطولة.
ملاعب في طنجة، والرباط، والدار البيضاء، ومراكش، وأكادير، وفاس: بتكلفة متوقعة تقدر بمليار درهم مغربي لكل ملعب.
مرافق التدريب: من المتوقع إنشاء أو تجديد حوالي 60 مركزًا تدريبًا، بميزانية تقدر بـ3.5 مليارات درهم.
تطوير البنية التحتية غير الرياضية
يجب أن يُنظر إلى حدث كبير مثل كأس العالم كحافز لمشاريع التحول الحضري واسعة النطاق وعرض للحداثة المعمارية في المدن المستضيفة. يجب أن تُدمج هذه الأهداف ضمن خطة استراتيجية شاملة وطويلة المدى، غالبًا ما تتخذ أشكالًا تكاملية متنوعة:
تحسين أنظمة النقل: يشمل ذلك تحديث المطارات، وإنشاء طرق سريعة جديدة، وتطوير البنية التحتية للطرق الحضرية، وشبكات السكك الحديدية (القطارات السريعة والترام). سيؤدي تحسين وسائل النقل في المدن المستضيفة إلى تحقيق فوائد كبيرة على المدى الطويل، مما ينعكس إيجابًا على جميع القطاعات الاقتصادية.
نمو السياحة: بفضل الصورة الإيجابية والمرموقة التي سيعكسها هذا الحدث الدولي، لن يجذب المغرب الزوار خلال البطولة فحسب، بل سيحقق أيضًا نجاحًا كبيرًا في جذب أعداد كبيرة من السياح. سيتطلب ذلك تلبية احتياجات الأسواق التقليدية والناشئة على حد سواء، ما يتطلب استثمارات في توسيع الطاقة الاستيعابية للإقامة، والمرافق الترفيهية، والخدمات المتعلقة بها.
ستشمل التحسينات أيضًا البنية التحتية الوطنية للفنادق لتحقيق الأهداف طويلة الأجل لقطاع السياحة. ومن المتوقع توفير 100,000 سرير فندقي إضافي لتلبية الطلب في المدن المستضيفة. وتشير التقديرات إلى أن عائدات السياحة في عام 2030 ستصل إلى 120 مليار درهم. وبالتالي، ستسهم زيادة عائدات السياحة في النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل.
إحداث فرص العمل
سيساهم تنظيم كأس العالم في توفير فرص عمل في مختلف القطاعات، بما في ذلك البناء، والضيافة، والمطاعم، والأمن، والنقل، والاتصالات. في حين أن الوظائف المرتبطة بقطاع البناء بطبيعتها مؤقتة، إلا أن الوظائف المتعلقة بالسياحة قد تكون مستدامة على المدى الطويل نظرًا للزيادة المتوقعة في عدد الزوار الذين سيصلون إلى مستويات جديدة.
تعزيز صورة البلد
ستكون استضافة كأس العالم بمثابة حملة إعلانية رئيسية للمغرب. من خلال تسليط الأضواء العالمية على البلاد لمدة تصل إلى 40 يومًا، ستتاح للمغرب فرصة لتحسين صورته، وتعزيز سمعته، وبناء شهرته بين جمهور عالمي. ستؤدي هذه الحملة إلى تأثيرات إيجابية طويلة الأجل على السياحة والاستثمار.
تعزيز الوحدة الوطنية
يمكن لحدث بهذا الحجم والهيبة أن يعزز الشعور بالوحدة والفخر الوطني، تمامًا كما حدث عقب إنجازات المنتخب الوطني في كأس العالم بقطر. علاوة على ذلك، فإن عرض خريطة المغرب الكاملة، بما في ذلك الصحراء، عبر جميع وسائل الإعلام خلال الحدث، سيؤثر على التصورات الدولية ويعزز الدعم للقضية الوطنية.
التأثير الإيجابي على الشباب
غالبًا ما تلهم بطولة كأس العالم الشباب للمشاركة في الرياضة وتحقيق أحلامهم الرياضية. يمكن للرياضيين الناجحين أن يصبحوا قدوة للشباب، مما يشجع على زيادة المشاركة في الرياضة. وقد تجلّى ذلك بعد الإنجاز المذهل للمغرب في قطر، حيث أدى إلى زيادة كبيرة في طلبات الانضمام إلى الأندية الرياضية للهواة في مختلف مناطق البلاد.
زيادة الاتصال والتواصل
سيستفيد قطاع الاتصالات أيضًا بشكل كبير. من المتوقع أن يؤدي زيادة حركة الصوت والبيانات خلال كأس العالم إلى استثمارات لتوسيع وترقية البنية التحتية لشبكة البلاد. ستشمل هذه الجهود تسريع نشر تقنية الجيل الخامس (5G)، مما يعزز الاتصال الرقمي على المستوى الوطني.
يتماشى هذا التطور مع الهدف الأوسع للمغرب المتمثل في تعزيز الاقتصاد الرقمي وزيادة تنافسيته العالمية في مجال الاتصالات والتكنولوجيا. كما سيزداد الطلب على الأجهزة الحاسوبية، والبرمجيات، وخدمات تكنولوجيا المعلومات لإنشاء بنية تحتية تكنولوجية قوية لإدارة التذاكر، والبث المباشر، والأمن، وأنظمة الاتصالات.