اقتصادكم - سعد مفكير
منذ أكثر من عقد من الزمان، فرضت مصر قيودا تجارية غير مسبوقة على المنتجات المغربية، بينما أغرقت السوق المغربية بسلعها، التي غالبا ما كانت معادة التعبئة والتغليف، أو مصنعة في دول أخرى دون قيمة مضافة حقيقية.
وتعرضت صادرات النسيج والسيارات والأسمدة والمنتجات الفلاحية لقيود غير مبررة أحيانا، في انتهاك واضح للالتزامات التي تم التعهد بها بموجب اتفاق أكادير الموقع في عام 2006.
وتعود القصة لسنة 2008 عندما بدأ الحصار على صادرات النسيج المغربية، لتتسع الدائرة وتشمل السيارات سنة 2012 والأسمدة سنة 2015 والمنتجات الفلاحية والدواجن سنة 2017 قبل أن تعرف الواردات المصرية من المغرب سقوطا حرا سنة 2023 بنسبة 60%.
إقرأ أيضا: مصر تعلق فحص المنتجات الزراعية والغذائية المصدرة للمغرب
وفي سنة 2015، صدر المغرب إلى مصر ما قيمته 245 مليون دولار واستورد منها ما قيمته 351 مليون دولار، مما أدى إلى تحقيق فائض تجاري قدره 106 ملايين دولار لصالح القاهرة، وفي سنة 2023 تراجعت صادرات المملكة إلى مصر إلى 52 مليون دولار، بينما ارتفعت واردات المملكة إلى 819 مليون دولار، مما خلق عجزًا هائلاً قدره 767 مليون دولار لصالح القاهرة.
وبناء على ذلك، اختار المغرب مبدأ التعامل بالمثل من خلال فرض قيود مماثلة على الواردات من مصر لتتدهور المبادلات التجارية بين الطرفين بداية هذا العالم.
وتعليقا على الموضوع، اعتبر الخبير الاقتصادي محمد جدري أن المغرب يقوم بتقييم سياسات التبادل الحر التي تجمعه مع مجموعة من الدول، من أجل الحفاظ على مصالح البلدين معا، ورأينا، يضيف المحلل، كيف قام بمراجعة اتفاق التبادل الحر مع تركيا، لمحاربة إغراق السوق المحلية بالمنتوجات التركية.
وأكد جدري، في تصريح لموقع "اقتصادكم"، أنه خلال السنوات الخمس الأخيرة، ارتفعت الصادرات المصرية إلى المغرب بشكل كبير، في حين تراجعت صادرات المغرب نحو مصر بشكل كبير خاصة في ما يتعلق بصناعة السيارات.
وأوضح المحلل الاقتصادي أن اتفاق أكادير الذي جمع المغرب ومصر وتونس والأردن يعطي مجموعة من الامتيازات الضريبية والجمركية لصادرات البلدان في ما بينها، كأنها مصادر محلية، لكن المغرب لا يمكنه أن يبقى مكتوف الأيدي في وقت تفرض فيه مصر اليوم قيودا على صادرات المملكة، خاصة أن الميزان التجاري بين البلدين لصالح مصر، مشيرا إلى أن المبادلات التجارية في مجملها لا تشكل جزءا كبيرا مع العلم أن قرابة مليار ونصف مليار دولار كمبادلات لا تشكل رقما كبيرا، ولا يمكنها أن تؤثر على السوق الوطنية.
وختم المتحدث ذاته حديثه بالقول إن المغرب يقوم اليوم بمجموعة من الاجراءات من أجل إعادة النظر في العلاقة التجارية مع مصر، مع العلم أنها تعاني من تحدي كبير يتجلي في شح الدولار، الذي يلزم المستوردين باقتناء المنتوجات الأساسية فقط، لكن هذا لا يعني أن تزيد مصالح المملكة المغربية في التضرر، مؤكدا أن المغرب يبحث عن إرساء مبدأ رابح-رابح في المعاملات التجارية مع البلدين.