حسابات الربح والخسارة بعد إلغاء شعيرة الأضحية.. رؤية اقتصادية لحماية الثروة الحيوانية

الاقتصاد الوطني - 27-02-2025

حسابات الربح والخسارة بعد إلغاء شعيرة الأضحية.. رؤية اقتصادية لحماية الثروة الحيوانية

اقتصادكم

 

أهاب جلالة الملك محمد السادس بعموم الشعب المغربي بعدم إقامة شعيرة عيد الأضحى لهذا العام، في خطوة تعكس التحديات التي يواجهها المغرب، خاصة في القطاع الفلاحي، ويأتي هذا القرار في ظل تراجع القطيع الوطني بنسبة كبيرة، بفعل الجفاف وارتفاع أسعار الأعلاف، مما يجعل الحفاظ على الثروة الحيوانية أولوية استراتيجية.

وقال علي الغنبوري رئيس مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي إنه من الناحية الاقتصادية، يعد عيد الأضحى في المغرب سوقا موسميا حيويا يتمحور حول تربية وبيع الماشية، لاسيما الأغنام التي تشكل العمود الفقري لعيد الأضحى، لكن المتغير هذه السنة ان القطيع الوطني يعاني تراجعا حادا بنسبة 38% منذ 2016 كما أفاد وزير الفلاحة، نتيجة الجفاف المستمر وارتفاع أسعار الأعلاف، وتداعيات التغيرات المناخية، وبالتالي فالهدف الأساسي من الإلغاء هو حماية ما تبقى من الثروة الحيوانية لضمان استدامتها، وهي رؤية اقتصادية بعيدة المدى تسعى لتجنب انهيار القطاع الفلاحي الوطني.

ومع ذلك، يترتب على هذا القرار تبعات اقتصادية فورية قد تكون قاسية على بعض الفلاحيين، فالسوق المرتبطة بالعيد تحرك مليارات الدراهم سنويا، وتعتمد عليها أسر الفلاحين والتجار والجزارين لتأمين دخل موسمي أساسي، وإلغاء الشعيرة قد يقطع هذا المورد، مما يفاقم الضغوط على الأسر في المجال القروي التي تعاني أصلا من شح الموارد، كما سيواجه القطاع غير المهيكل مثل الباعة الموسميين والوسطاء ركودا قد يرفع معدلات البطالة الموسمية، واستيراد المواشي كما حدث مع الأغنام الأسترالية، لن يكون بديلا كافيا، إذ تظل تكلفته مرتفعة ولا تعوض خسائر الفلاحين المحليين.

على صعيد الطلب، شهدت أسعار الأضاحي ارتفاعا ملحوظا، إذ وصل متوسط سعر الأغنام إلى نحو 4000 درهم في 2024، مقارنة بـ3000 درهم في 2023 متجاوزا معدل التضخم بعشرة أضعاف، وهو ما جعل الشعيرة عبئا ثقيلا على الأسر محدودة الدخل، وإلغاؤها سيخفف لا محالة هذا الضغط المالي. 

وأضاف الخبير الاقتصادي أنه من منظور الكلفة والفائدة، يمثل القرار استثمارا في مستقبل القطاع الفلاحي، إذ يعزز الحفاظ على القطيع الأمن الغذائي على المدى الطويل، خاصة مع تراجع إنتاج اللحوم من 230 ألف رأس معدة للذبح سنويا إلى 150 ألفا، في ظل استمرار الجفاف، لكن نجاح هذه الخطوة يعتمد على إجراءات حكومية فعالة تساند وتدعم القرار الملكي.

نجاح هذا التوجه، يوضح الغنبوري، يعتمد على تحقيق توازن دقيق بين الخسائر الفورية والمكاسب المستقبلية، فمن جهة سيفقد العديد من الفلاحين والمربين والتجار موسما اقتصاديا أساسيا كان يضخ مليارات الدراهم سنويا في الدورة الاقتصادية، مما قد يفاقم الأوضاع المعيشية في المجال القروي، خاصة لدى الفئات الهشة، ومن جهة أخرى فإن تأمين مستقبل القطاع الفلاحي وحماية القطيع المتبقي قد يساهمان في استقرار أسعار اللحوم وتعزيز الأمن الغذائي على المدى الطويل.

ولضمان تحقيق هذه الأهداف، أوصى المحلل الاقتصادي بضرورة تحلي الحكومة بالمسؤولية الوطنية وأن تعمل على مواكبة القرار الملكي، من خلال إجراءات داعمة للفلاحين والمربين مثل توفير دعم مباشر لتعويض الخسائر لصغار الفلاحيين، وتكثيف برامج تمويل الأعلاف لمواجهة ارتفاع تكاليفها، إلى جانب سياسات تشجع على تحسين إنتاجية القطاع وتوسيع نطاق العناية البيطرية بالماشية، فدون استراتيجية واضحة ومتكاملة، ستفوت الحكومة على المغاربة فرصة ذهبية لإعادة تشكيل الثروة الحيوانية الوطنية و ستزيد من معناة العالم القروي .