اقتصادكم - حنان الزيتوني
يعيش المغرب اليوم دينامية تنموية متسارعة، مدفوعة برؤية اقتصادية واضحة تهدف إلى مضاعفة الناتج الداخلي الخام وتوسيع قاعدة الاستثمار وتحسين البنية التحتية. وفي هذا السياق، تطرح مسألة توجيه الاستثمارات العمومية والخاصة كأحد المحاور الحاسمة لضمان تحقيق مردودية اقتصادية طويلة الأمد، خصوصا مع انخراط البلاد في مشاريع كبرى تستهدف قطاعات النقل، السياحة، الطاقة، والمرافق الرياضية.
ضغط إيجابي
وفي تحليله لهذا التوجه، يرى الخبير الاقتصادي محمد جدري أن تنظيم كأس العالم 2030 ليس غاية في حد ذاته، بل يمثل عاملا محفزا لتسريع وتيرة الإصلاحات التي يباشرها المغرب في إطار رؤية 2035، والتي تهدف إلى مضاعفة الناتج الداخلي الخام من 130 مليار دولار سنة 2021 إلى 260 مليار دولار سنة 2035.
وأوضح في تصريح لموقع “اقتصادكم” أن هذه الرؤية تتأسس على أوراش استراتيجية تهم تحويل النموذج الاقتصادي، وتقليص الفوارق المجالية، وتعزيز البنية التحتية، وتوسيع مشاركة المرأة، وتحسين مناخ الأعمال، إلى جانب النهوض بالطاقات المتجددة وإيجاد حلول لإشكالية الماء.
المونديال كمحفز لتسريع الإنجاز
ووفق جدري، فإن تنظيم المونديال يمكن أن يشكل ضغطا إيجابيا يسرع تنفيذ عدد من المشاريع، مع احترام الآجال المحددة لسنة 2030، مع التأكيد على أن هذه الاستثمارات لا يمكن إلا أن تعود بالنفع على المغاربة، سواء من خلال توسيع شبكة الطرق السيارة من 1800 إلى 3000 كلم، أو عبر مشاريع كبرى مثل الميناء الأطلسي بالداخلة، ميناء الناظور، القطار الفائق السرعة نحو مراكش، وقطارات جهوية أخرى، إلى جانب البنيات المرتبطة بالسياحة والفندقة والنقل الجوي والمطاعم.
ضمان الأثر الاقتصادي
وفيما يتعلق بالمنشآت الرياضية، شدد جدري على أن نجاح هذه الاستثمارات يتطلب تجاوز النموذج الحالي “الذي أكل عليه الدهر وشرب”، حسب تعبيره، داعيا إلى إعادة النظر في طريقة استغلال الملاعب لتكون مفتوحة طيلة أيام الأسبوع، عبر إدماج مشاريع تجارية وسياحية وخدماتية داخل محيطها، مثل المقاهي، المطاعم، فضاءات اللعب للأطفال، الفنادق، وحتى قاعات السينما.
ونبه الخبير الاقتصادي إلى أن جزءا من هذه المشاريع سيمول باللجوء إلى المديونية، ما يحتم ضرورة توجيه الموارد نحو استثمارات ذات قيمة مضافة عالية، لضمان قدرتها على تحقيق مردودية تغطي تكاليفها على المدى البعيد، وتسهم فعليا في بناء إرث اقتصادي مستدام.