رغم الجفاف.. كيف يراهن المغرب على مونديال 2030 لإنعاش اقتصاده؟

الاقتصاد الوطني - 28-04-2025

رغم الجفاف.. كيف يراهن المغرب على مونديال 2030 لإنعاش اقتصاده؟

اقتصادكم

 

يجد المغرب نفسه اليوم عند مفترق طرق حاسم، إذ يواجه واحدة من أسوأ موجات الجفاف التي شهدها في تاريخه الحديث، ما ألقى بظلال ثقيلة على اقتصاده، لكن في خضم هذه المعاناة، تلوح في الأفق فرصة استثنائية قد تُحدث تحولاً جذريًا في مستقبل المملكة: استضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2030.

وذكرت مجلة فوربس الأمريكية أنه على الرغم من التحديات المناخية التي يعيشها المغرب وأزمة الجفاف، يظل الأفق الاقتصادي للمغرب واعدًا، خاصة في ظل شراكته لاستضافة كأس العالم 2030 إلى جانب إسبانيا والبرتغال. هذا الحدث العالمي يُتوقع أن يضخ مليارات الدولارات في الاقتصاد الوطني، ويُعزز الاستثمارات، ويُسرّع وتيرة تطوير البنية التحتية، ويُولّد آلاف فرص العمل.

مونديال 2030: فرصة إنعاش اقتصادي شاملة

باشرت المملكة تنفيذ مشاريع ضخمة لتوسيع شبكة السكك الحديدية، وتحديث المطارات، وتحسين شبكة الطرق السريعة. كما تعمل على تأهيل وتشييد ملاعب رياضية بمعايير دولية. وفي موازاة ذلك، تستمر مشاريع تحلية المياه لتأمين الموارد الحيوية في ظل الجفاف.

وتتوقع وزارة السياحة أن يبلغ عدد السياح 26 مليونًا بحلول 2030، بالتزامن مع كأس العالم، بعد أن استقبلت المملكة رقمًا قياسيًا في 2024 وصل إلى 17.4 مليون سائح، بزيادة 20% مقارنة بالعام السابق. وتؤكد الوزيرة فاطمة الزهراء عمور أن "كل سائح يختار المغرب يُسهم مباشرة في خلق فرص العمل والتنمية الاقتصادية وإدماج الشباب".

نمو اقتصادي مدفوع بالاستثمار والتنوع

رفع صندوق النقد الدولي في فبراير 2025 توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 3.9%، مقابل 3.2% في 2024، مستندًا إلى تحسن الطلب الداخلي، وإصلاحات ضريبية ناجحة، وتعافي الإنتاج الفلاحي.

من جهتها، توقعت وزارة الاقتصاد والمالية نموًا يصل إلى 4.9% في 2025، مدعومًا بانتعاش الزراعة، ونمو مستدام في قطاعات البناء، والصناعة، والتجارة، والسياحة، والنقل.

رغم استمرار تأثير الجفاف، تشير التقارير إلى تحسن نسبي في بداية الموسم الفلاحي 2024/2025، بفضل تساقطات مطرية قوية، رغم التحديات الناجمة عن موجات الحر لاحقًا. ويظل قطاع تربية الماشية تحت الضغط، في ظل الصعوبات التي تواجه جهود إعادة بناء القطيع.

المغرب ومونديال التحوّل الاقتصادي

يتوقع الخبراء، حسب المجلة الأمريكية، أن يُسهم تنظيم كأس العالم 2030 في إحداث نقلة نوعية داخل الاقتصاد الوطني، وقدّر خبراء أن الناتج المحلي الإجمالي قد يرتفع إلى 200 مليار دولار بحلول عام 2029، مقارنة بنحو 145 مليار دولار حاليًا.

الحدث العالمي لا يُعزز السياحة فقط، بل يُعد رافعة لجذب الاستثمارات الأجنبية، وتعزيز صورة المغرب كبوابة اقتصادية نحو إفريقيا، لكن النجاح لن يتحقق إلا برؤية استراتيجية مدروسة طويلة المدى، تُحول المغرب من بلد صاعد إلى قوة اقتصادية مستقرة.

وفي السياق ذاته، أكدت سمَر البغوري، أستاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن تنظيم المونديال يمثل فرصة ذهبية لتعويض خسائر القطاع الفلاحي وتسريع وتيرة النمو، لكنه شدد على أن مكافحة الجفاف تبقى أولوية لا تحتمل التأجيل، إذ يعتمد النمو المستدام على تقوية الفلاحة والصناعة، وليس السياحة وحدها.