رغم تحسن الأمطار.. لماذا فقد قطاع الفلاحة والغابة والصيد 72.000 منصب؟

الاقتصاد الوطني - 05-05-2025

رغم تحسن الأمطار.. لماذا فقد قطاع الفلاحة والغابة والصيد 72.000 منصب؟

اقتصادكم - سعد مفكير

 

رغم بوادر الانتعاش التي شهدها الاقتصاد المغربي خلال الفصل الأول من سنة 2025، خاصة من خلال إحداث عشرات الآلاف من مناصب الشغل في قطاعات استراتيجية كـ"الخدمات"، و"الصناعة"، و"البناء والأشغال العمومية"، فإن المعطيات الرسمية تسجل مفارقة مثيرة للانتباه: فقدان 72.000 منصب شغل في قطاع "الفلاحة والغابة والصيد"، وهو ما يطرح تساؤلات جدية حول التحديات التي ما تزال تواجه هذا القطاع الحيوي، الذي لطالما اعتُبر ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني.

بحسب الإحصائيات الرسمية للمندوبية السامية للتخطيط، فقد أضاف قطاع "الخدمات" نحو 216.000 منصب، يليه "الصناعة" بـ 83.000، و"البناء والأشغال العمومية" بـ 52.000. وفي المقابل، برز تراجع حاد في قطاع "الفلاحة والغابة والصيد"، رغم تحسن التساقطات المطرية مؤخرا.

والظاهر أن أسباب فقدان مناصب الشغل في قطاع الفلاحة والغابة تعود بالأساس إلى تأخر التساقطات المطرية التي لن تظهر نتائجها وانعكاسها على إحداث فرص العمل في القطاع، إلا في غضون الفصلين القادمين من السنة الجارية، كما أنه رغم تحسن كميتها، جاءت الأمطار في وقت متأخر من الموسم الفلاحي، مما لم يسمح بتحقيق موسم زراعي ناجح كما كان متوقعا، خصوصًا في الزراعات البورية التي تعتمد على توقيت دقيق لتوزيع الأمطار.

كما أن استمرار موجات الجفاف المتتالية خلال السنوات الأخيرة ساهم في تقليص الإنتاج الفلاحي، وبالتالي الحد من فرص العمل الموسمية التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بحجم النشاط الزراعي.


واعتبر المحلل الاقتصادي علي الغنبوري، في تصريح لموقع "اقتصادكم"، أن استمرار فقدان مناصب الشغل في قطاع الفلاحة والغابة والصيد، راجع إلى عوامل هيكلية مثل الاعتماد الكبير على الفلاحة المطرية التي تشكل 49% من مصادر الدخل في المناطق القروية، إلى جانب ضعف الاستثمار في أنظمة الري المستدامة والبنية التحتية المائية، كما أن العوامل الظرفية، مثل تأخر التساقطات المطرية في بداية الموسم الفلاحي وتوزيعها غير المتكافئ عبر المناطق الفلاحية، قلصت الإنتاجية وحدت من الطلب على العمالة الموسمية، مما يستدعي تكثيف الجهود لتنويع الاقتصاد القروي، وتطوير أنظمة تجميع المياه، ودعم العمال الموسميين لتقليص هذه الخسائر.

وعلى مستوى الصيد البحري، ساهم انخراط مهنيي القطاع في تطبيق "الراحة البيولوجية" على طول سواحل محددة من المملكة – من "تغناج" قرب أكادير إلى "الكاب الأبيض" بالداخلة – في تراجع النشاط بشكل ملحوظ خلال هذا الفصل. ويهدف هذا الإجراء، الموقع بداية العام من طرف زكية الدريوش، الكاتبة العامة لقطاع الصيد البحري، إلى الحفاظ على الثروة السمكية، خصوصًا الأسماك السطحية، في مواجهة الضغوط البيئية والبشرية المتزايدة، وهو ما أثر على منظومة الشغل في قطاع الصيد البحري. 

وتتطلب تحديات الشغل المرتبطة بقطاع "الفلاحة والغابة والصيد" مقاربة شمولية تراعي البعد البيئي، الاقتصادي، والاجتماعي، وتعزز من قدرة الفاعلين الصغار على التكيف مع الأزمات المناخية والاقتصادية، حتى يستعيد هذا القطاع دوره كمحرك للتشغيل والتنمية القروية والمجالية في المغرب.