رغم تراجع معدل البطالة.. الإحباط الاجتماعي يعمق أزمة "جيل Z"

الاقتصاد الوطني - 07-10-2025

رغم تراجع معدل البطالة.. الإحباط الاجتماعي يعمق أزمة "جيل Z"

اقتصادكم - نهاد بجاج

أفادت المندوبية السامية للتخطيط بأن معدل البطالة في صفوف الشباب المتراوحة أعمارهم ما بين 15 و24 سنة بلغ 35,8% خلال الربع الثاني من سنة 2025، مسجلا انخفاضا مقارنة بالربع الأول من السنة (37,7%).

ورغم هذا التراجع النسبي، يبقى المعدل مرتفعا، إذ يعني أن أكثر من ثلث الشباب المغاربة خارج سوق العمل، ما يجعل الظاهرة إحدى أبرز التحديات الاجتماعية الراهنة.

وفي تعليق على هذه المعطيات، أوضح بدر الزاهر الأزرق، خبير في قانون الأعمال والاقتصاد، أن "مؤشر 35,8% يظل مقلقا، لأنه يؤكد أن البطالة وسط الشباب مستفحلة، حيث إن أكثر من ثلث الشباب معنيون بها، كما أن 20% من حاملي الشهادات العليا عاطلون عن العمل، فيما يوجد أكثر من مليون شاب وشابة لا يدرسون ولا يشتغلون ولا يملكون مشاريعهم الخاصة".

ويضيف الخبير في قانون الأعمال والاقتصاد، في تصريح لموقع "اقتصادكم"، أن هذه الأرقام "تكشف عن فشل سياسات التشغيل خلال السنوات الأخيرة، وإن كان هذا الفشل لا يعزى فقط إلى ضعف البرامج الحكومية، بل أيضا إلى توالي الأزمات الاقتصادية التي واجهها المغرب، من تبعات جائحة كوفيد-19، إلى الصدمة التضخمية، ثم أزمة القطاع الفلاحي".

ويرى المتحدث أن الحكومة "لم تكن محظوظة على مستوى توقيت هذه الأزمات، لكنها في المقابل كان من المفروض أن تعمل على تأهيل منظومة التربية والتكوين لتتلاءم أكثر مع متطلبات سوق الشغل، وأن تفعل بشكل أكبر خارطة الطريق التي أعلنتها السنة الماضية، والتي ما تزال دون أثر ملموس على أرض الواقع".

ورغم الدينامية الاستثمارية التي يشهدها المغرب، إلا أن الاستثمار العمومي والخاص لم يترجم بعد إلى فرص شغل نوعية قادرة على استيعاب الطاقات الصاعدة لجيل Z.

غير أن ما يجعل الوضع أكثر تعقيدا هو أن الاشتغال لا يعني بالضرورة الإدماج، وهذا الواقع الاقتصادي الهش هو ما انعكس بشكل مباشر على المزاج الاجتماعي العام، خاصة لدى "جيل Z"، الذي يرى أن الشغل وحده لم يعد كافيا لتحقيق الاستقرار المعيشي، فحتى أولئك الذين ولجوا سوق الشغل يعيشون وضعا هشا، داخل القطاع غير المهيكل أو في وظائف منخفضة الأجر، ما يكرس ظاهرة "الشغل الناقص" ويضعف القدرة الشرائية ويعمق الإحباط.

هذا الإحباط، كما يلاحظ الخبير، "هو الذي يفسر جزئيا خروج فئات واسعة من الشباب إلى الشارع للمطالبة بالصحة والتعليم والعدالة الاجتماعية"، في حركة تعكس تحولا في وعي "جيل Z" من البحث عن شغل فحسب، إلى المطالبة بشروط عيش كريمة وضمانات إنصاف اجتماعي.

إن تراجع البطالة إلى 35,8% لا يمكن إذن قراءته كإنجاز بقدر ما هو تنبيه لمحدودية المقاربات الظرفية، ودعوة إلى مراجعة شاملة لسياسات الإدماج الاقتصادي.

فجيل Z، الذي ولد في زمن الإنترنت والهواتف الذكية، بات يملك وعيا سياسيا واجتماعيا جديدا لا يقبل الحلول الترقيعية، بل يطالب بدولة قادرة على تحويل وعود التنمية إلى فرص حقيقية للحياة الكريمة.

وختم الخبير تصريحه، أنه بين مؤشرات الاقتصاد ومطالب الشارع، تبقى الكرة في ملعب الحكومة، التي وإن كانت في نهاية ولايتها، مطالبة بفتح الطريق أمام جيل جديد من السياسات يجعل من الشباب رافعة للتنمية، لا رقما آخر في معادلة البطالة.