اقتصادكم - سعد مفكير
قدم عبد اللطيف زغنون، المدير العام للوكالة الوطنية للتدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة وتتبع نجاعة أداء المؤسسات والمقاولات العمومية قراءة في دور الوكالة في مواكبة المؤسسات والمقاولات العمومية وتحقيق النجاعة، منذ تأسيسها، ورسم معالم الرؤية الملكية للرفع من حكامة ونجاعة هذه المؤسسات.
وعلى هامش لقاء "الليالي المالية" "Les nuits de la finance"، الذي نظمته جريدة Finances News Hebdo بحضور مديرة النشر فاطمة الزهراء الورياغلي، أمس الثلاثاء بالدار البيضاء، تحت عنوان "مشاريع هيكلية لإصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية"، أوضح زغنون أن التوجهات الأولى في تحسين الحكامة، تتمثل في تحديث احترافية الهيئات التداولية، إضافة إلى تعميم اللجان المتخصصة على مستوى كافة هذه المؤسسات. كما تهدف هذه التوجهات إلى إرساء منظومة قيادة ومتابعة للأداء تنسجم مع السياسة المساهماتية للدولة، كما تم تأطيرها، بشكل تام مع هذه التوجهات الاستراتيجية، وتحترم في الوقت ذاته مجموعة من المبادئ التوجيهية المستمدة من ميثاق الحكامة الجيدة، بالإضافة إلى المعايير الدولية في مجال الشفافية والحكامة الجيدة.
مقاربة تشاركية في صياغة السياسة المساهماتية للدولة
في إعداد هذه السياسة، يقول زغنون، تم اعتماد مقاربة تشاركية شملت لقاءات مع كافة الفاعلين داخل المنظومة، حيث تم الاستماع إلى آرائهم وتوقعاتهم وانشغالاتهم، بدءًا من الوزراء المعنيين، ومسؤولي الشركات، وعدد من مدراء مديريات وزارة الاقتصاد والمالية، بالإضافة إلى المؤسسات الدستورية كـ المجلس الأعلى للحسابات، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ومجلس المنافسة.
بناءً على هذه اللقاءات، تم بلورة مشروع السياسة المساهمة للدولة في ثلاثة محاور رئيسية:
الرؤية العامة: حيث يجب على الدولة بصفتها مساهمًا أن توضح رؤيتها، وأن تحدد كيفية تدبير مساهماتها مستقبلاً، وعلاقتها بالقطاع الخاص، وكيفية تنزيل هذه السياسة عبر الزمن والمجال.
الاستراتيجية المساهمة: تندرج السياسة في ثلاث محاور رئيسية تهدف إلى تحديد أهداف المساهمة، وضمان تدبير ديناميكي للمحفظة العمومية، وربط المؤسسات والمقاولات العمومية بالسياسات العمومية للدولة.
تعزيز الشراكة: تأكيد منطق التكامل والإضافة، مع تقوية الشراكات مع القطاع الخاص.
تحديث حكامة المؤسسات والمقاولات العمومية
وشرح المدير العام للوكالة الوطنية للتدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة وتتبع نجاعة أداء المؤسسات والمقاولات العمومية أن أبرز محاور الحكامة تتمثل في تحديث الهيئات التداولية وتنسيق أفضل بين الدولة الاستراتيجية والدولة المساهمة وإرساء حوار استراتيجي دائم بين مكونات الدولة لضمان فعالية تطبيق السياسة المساهمة، مع مراعاة السياسات القطاعية والأطر القانونية، وتنزيل السياسة على أرض الواقع.
وأكد أن الوكالة بصدد تنظيم ورشات عمل مع الوزارات الوصية والمؤسسات والمقاولات العمومية لتفصيل كل توجه استراتيجي إلى خطط عمل ملموسة، ستمكن من توضيح مجالات تدخل القطاع الخاص في أنشطة لم تعد حكومية بامتياز، وإعداد خطة عمل لتنفيذ السياسة، يتم عرضها على مجالس الإدارة لاعتمادها وتفعيلها حسب كل قطاع وكل مؤسسة من أجل استكمال هذه الخطط قبل نهاية السنة، والمصادقة عليها من قبل الهيئات المعنية.
تشخيص الوضع الراهن وتطوير الأداء
بالإضافة إلى مهام الوكالة، أشار زغنون إلى أنه تمت برمجة عدد من الأوراش لمعالجة وضعية مؤسسات عمومية تعاني من صعوبات مالية، وتفتقر إلى الهوامش التمويلية، رغم استمرارها في تنفيذ مشاريع كبرى.
إصلاح هيئات الحوكمة الداخلية
كما تحث الوكالة على تعيين الأعضاء المستقلين في الأجهزة التداولية للمؤسسات والمقاولات العمومية وعلى تعميم احداث اللجان المتخصصة متل لجان الاستثمار، الاستراتيجية، التدقيق والمخاطر، التعيينات، الأجور، والحكامة، لتكون ذراعًا داعمًا لمجالس الإدارة.
التكوين وتعزيز القدرات
ووضعت الوكالة، حسب المتحدث ذاته، برنامج تكوين مستمر لفائدة أعضاء المجالس، بشراكة مع مؤسسات جامعية وسياسية مرموقة، لتمكين الأعضاء من الكفاءات والمعارف اللازمة، وتسعى هذه الإصلاحات أيضًا إلى مواءمة أداء المؤسسات والمقاولات العمومية مع أهداف التنمية المستدامة.
الاستراتيجية المعتمدة من قبل الوكالة
وقسم زغنون مراحل الاستراتيجية المعتمدة من قبل الوكالة إلى ثلاث مراحل أساسية:
المرحلة الأولى: التشخيص وصياغة الالتزامات، حيث يتم إعداد استراتيجية للمسؤولية الاجتماعية والبيئية (RSE)، وهي مرحلة ما زالت جارية وتوشك على الاكتمال.
المرحلة الثانية: إرساء حكامة خاصة بـ RSE وتشمل هذه المرحلة وضع نظام حكامة خاص بالمسؤولية الاجتماعية والبيئية، على مستوى الوكالة وكذلك على مستوى المؤسسات والمقاولات العمومية.
المرحلة الثالثة: تنزيل الاستراتيجية وآليات التتبع وتتمثل في تنفيذ الاستراتيجية من خلال آلية قيادة ومتابعة دقيقة لتتبع التقدم وتحقيق الأهداف المحددة.
ومن بين الأوراش الجارية أيضًا، هناك ورش تحول المؤسسات والمقاولات العمومية، خصوصًا تلك المرتبطة بدعم بعض المؤسسات كالمكتب الوطني للهيدروكربورات والمناجم (ONHYM)، كما تعمل الوكالة حاليا مع 6 مؤسسات عمومية. وتم الانتهاء أيضًا من مشروع نص يتعلق بتحول المكتب الوطني للمطارات (ONDA)، وسيتم إيداعه خلال الأيام المقبلة في الأمانة العامة للحكومة.
وحسب ما ينص عليه القانون، يجب الحصول على موافقة مسبقة من الوكالة قبل أي إحداث فروع أو شركات تابعة أو المشاركة في رأسمال شركات خاصة، حيث توصلت الوكالة بـ 91 طلبًا تم فحصها، فيما حصل 66 طلبًا على رأي إيجابي وتم رفض 7 طلبات، بينما لا يزال هناك 18 طلبًا قيد المعالجة.
وأشار زغنون إلى أن الهدف كذلك من عملية توحيد الحسابات المالية هو ضمان توفّر معلومات مالية موحدة وشفافة، مما يعكس الأداء الحقيقي للمؤسسات التابعة للمجموعة العمومية. ويعتبر ذلك أمرًا أساسيًا ليس فقط للدولة بصفتها مساهمًا، بل أيضًا لإرسال رسالة طمأنة قوية إلى الشركاء، وخصوصًا المؤسسات البنكية والهيئات الدولية وصناديق التمويل، التي تطالب دائمًا بأعلى درجات الشفافية والحكامة الجيدة، خاصة في ما يتعلق بمشاريع التمويل.