اقتصادكم
أطلق بنك المغرب السوق الآجلة بين البنوك ببدء التداول في عقود مبادلات أسعار الصرف ومبادلات أسعار الفائدة لليلة واحدة (OIS) المرتبطة بمتوسط مؤشر سعر الفائدة المغربي لإعادة الشراء (MONIA).
وتندرج هذه العملية في إطار جهود تطوير سوق الصرف التي أطلقها البنك، سنة 2018، حيث سيمكن إحداث هذه السوق الفاعلين الاقتصاديين من التوفر على مرجع شفاف وموثوق للقيام بعمليات التحوط من تقلبات أسعار الفائدة والصرف، وكذلك من إعطاء زخم جديد لتطوير المشتقات المالية في المغرب.
وأكد رشيد الفقير، أستاذ العلوم الاقتصادية، في حوار مع جريدة "فينونس نيوز"، أهمية السوق بين البنوك "marché interbancaire" في تنفيذ السياسة النقدية وأثرها على أسعار الائتمان والخصم التي تطبقها البنوك على الزبناء وخاصة الشركات، موضحا أن سوق ما بين البنوك هو أحد قطاعات سوق المال حيث تقوم البنوك ذات القدرة التمويلية بتمويل المحتاجين في الأمد القريب، ويشكل البنك المركزي الملاذ الأخير.
وأشار الخبير إلى أنه في هذه السوق يتم تحديد سعر الفائدة بين البنوك، وفقا لقانون العرض والطلب، والذي يشكل الهدف التشغيلي لبنك المغرب في تنفيذ سياسته النقدية على أساس يومي، ويسيطر البنك المركزي على تقلبات هذا المعدل من خلال محاولة مواءمته مع السعر الرئيسي من خلال عدة تدخلات، ومن خلال التأثير على تكلفة تمويل البنوك، فإن التقلبات في سعر الفائدة بين البنوك تؤثر على مستويات أسعار الفائدة البنكية المطبقة على الأفراد والشركات.
ومن خلال مجموعة من الأدوات، بما في ذلك مقايضات النقد الأجنبي، يستطيع البنك المركزي أن يتصرف بشأن السيولة البنكية، حسب المتحدث ذاته، عن طريق ضخ أو استخراج السيولة عن طريق شراء أو بيع العملات في سوق ما بين البنوك، مشيرا إلى أن مقايضة العملات الأجنبية هي معاملة يتفق فيها طرفان على تبادل عملة مقابل أخرى ثم تبادل العملة المقابلة في تاريخ لاحق، وهو بذلك يجمع بين معاملة صرف العملات الأجنبية الفورية ومعاملة صرف العملات الأجنبية الآجلة.
ومن جهتها، يضيف المحلل الاقتصادي، تعتبر مبادلة أسعار الفائدة بمثابة معاملة يتفق طرفان بموجبها على تبادل سعر فائدة ثابت يتم تحديده وقت المعاملة مقابل سعر فائدة متغير مرتبط بمؤشر مونيا (مؤشر سعر الفائدة المغربي لإعادة الشراء)، وذلك مقابل مبلغ افتراضي وفترة زمنية متفق عليها. يتم اعتماد هذه الأداة على نطاق واسع من قبل الفاعلين في السوق المالية لحماية أنفسهم من التقلبات في أسعار الفائدة قصيرة الأجل. وفي حين يستفيد الفاعلون في سوق ما بين البنوك من مرونة كبيرة وقدرة أفضل على التنبؤ بالتكاليف، فإن استخدام مقايضات الصرف الأجنبي وأسعار الفائدة يسمح لهم بإدارة تعرضهم لمخاطر الصرف الأجنبي وأسعار الفائدة بشكل فعال.
واعتبر أستاذ العلوم الاقتصادية أنه مع إطلاق السوق الآجلة بين البنوك ببدء التداول في عقود مبادلات أسعار الصرف ومبادلات أسعار الفائدة لليلة واحدة (OIS) المرتبطة بمتوسط مؤشر سعر الفائدة المغربي لإعادة الشراء (MONIA)، يتخذ بنك المغرب خطوة حاسمة في عملية تعميق سوق الصرف الأجنبي في الاقتصاد المغربي. وقد تكون المعاملات في سوق المعاملات الآجلة بين البنوك، والتي تم تصميمها كمشتقات لمبادلات الصرف الأجنبي وأسعار الفائدة، وسيلة جيدة للشركات لحماية نفسها من مخاطر الصرف الأجنبي وأسعار الفائدة.
ومن خلال وجود مثل هذا السوق، يؤكد الأستاذ الجامعي، فإننا نسمح لأنفسنا بإدارة جيدة لهذه المخاطر من خلال تجسيد مرجع شفاف وموثوق قادر على ترسيخ توقعات الفاعلين الاقتصاديين فيما يتعلق باتخاذ القرار. وفي هذا الصدد، فإن تقلبات الدرهم المغربي قد تتلاشى أكثر في ظل وجود مثل هذه المرجعية، ما لم يتم الحد من أي غرض مضاربي ناتج عن التحوط من المخاطر المسموح بها في سوق العقود الآجلة بين البنوك. وهكذا، تظهر التجربة الدولية أن سوق المعاملات الآجلة بين البنوك يمكن أن يكون له تأثير كبير على تقلب سعر صرف أي عملة، ويعتمد هذا التأثي، حسب المتحدث ذاته، على عدة عوامل، بما في ذلك حجم السوق والسيولة وديناميكيات المضاربين.
وأكد أن وجود سوق آجلة بين البنوك متطورة من شأنه أن يحد من العرض والطلب على النقد الأجنبي الفوري في السوق، وبالتالي الحد من تقلبات العملة المحلية، خاصة في حالة الاتجاه نحو أنظمة سعر صرف أكثر مرونة.