كيف ساهم تغير سلوك الشركات في رفع مساهمة الاستثمار في النمو الاقتصادي؟

الاقتصاد الوطني - 17-04-2025

كيف ساهم تغير سلوك الشركات في رفع مساهمة الاستثمار في النمو الاقتصادي؟

اقتصادكم - سعد مفكير

 

شهدت دينامية نفقات تجهيز المقاولات تباطؤاً نسبياً خلال الفترة الأخيرة، غير أن توجه هذه المقاولات نحو إعادة تكوين المخزون ساهم بشكل ملحوظ في تعزيز وتيرة الاستثمار الإجمالي.

وحسب مذكرة إخبارية للمندوبية السامية للتخطيط حول توقعات الظرفية الاقتصادية بالنسبة للفصل الأول و الثاني من 2025، أدى هذا التحول في سلوك الاستثمار إلى رفع مساهمة الاستثمار في النمو الاقتصادي بمقدار 5,4 نقاط مئوية، مما يعكس الدور المتزايد للمخزون كرافعة أساسية في تحريك النشاط الاقتصادي، لاسيما في سياق يتسم بتنامي الطلب الداخلي وتحسن آفاق الإنتاج. ويؤكد هذا المعطى على أهمية التفاعل الإيجابي للمقاولات مع محيطها الاقتصادي، سواء من حيث التوقعات أو من حيث تدبير مواردها واستراتيجياتها التمويلية. فكيف نفسر هذا التوجه في ظل السياق الاقتصادي الوطني والدولي؟ رئيس مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي، علي الغنبوري يشرح لـ"اقتصادكم" تفاصيل هذا التوجه:


كيف يمكن تفسير توجه الشركات نحو إعادة تكوين المخزون؟

إعادة تكوين المخزون، أو ما يسمى "الريستوكاج"، يعني أن الشركات بدأت تزيد من مخزوناتها من البضائع أو المواد الخام ، و هو ما يمكن تفسيره بمجموعة من العوامل ، أولا توقع زيادة الطلب، فالشركات ربما ترى إشارات إيجابية في السوق، مثل تحسن القوة الشرائية للمستهلكين أو انتعاش في قطاعات معينة، فتستعد بزيادة المخزون لتلبية هذا الطلب، ثانيا تجنب اضطرابات التوريد، فبعد تجارب أزمات سلاسل التوريد العالمية مثل جائحة كورونا أو التوترات الجيوسياسية، أصبحت الشركات أكثر حذرا وتسعى لتأمين مخزون كاف لتجنب النقص، ثالثا التكيف مع التضخم، حيث انه اذا كانت الشركات تتوقع ارتفاع أسعار المواد الخام، قد تشتري كميات أكبر الآن لتقليل التكاليف المستقبلية.

كيف يساهم هذا التوجه في رفع مساهمة الاستثمار الإجمالي في النمو الاقتصادي؟

 في الحسابات الاقتصادية، الاستثمار الإجمالي يشمل ثلاث مكونات رئيسية، الاستثمار في المعدات مثل الآلات، الاستثمار في البناء مثل المصانع، وتغيرات المخزون، وإعادة تكوين المخزون يحسب كاستثمار لأن زيادة المخزون تعني أن الشركات تنفق على شراء بضائع أو مواد خام إضافية، وعندما تزيد الشركات مخزوناتها، هذا يعزز الاستثمار الإجمالي بشكل مباشر.

وبما ان الاستثمار الإجمالي ساهم بـ5.4 نقاط في النمو الاقتصادي، فهذا يعني أن جزءا كبيرا من نمو الناتج الإجمالي جاء من هذا النشاط، وإعادة التخزين لعب دورا رئيسيا في ذلك، خاصة إذا كانت الزيادة في المخزون كبيرة.

ما هي العوامل التي أدت إلى هذا التحول في سلوك الشركات؟

 هناك عدة عوامل محتملة، أولا تحسن الظروف الاقتصادية، فاذا  كان الاقتصاد يتعافى بعد ركود أو أزمة، تصبح الشركات أكثر تفاؤل وتستعد لزيادة الطلب، ثانيا السياسات الاقتصادية الداعمة فعلى سبيل المثال، تخفيض الحكومة لأسعار الفائدة والحوافز الضريبية على الاستيراد ، جعل الشركات تجد أن الوقت مناسب للاستثمار في المخزون، ثالثا الاضطرابات السابقة في التوريد خلال الجائحة و التوترات الجيوسياسية  جعلت الشركات أكثر ميلا لتخزين المواد لتجنب المشاكل المستقبلية، رابعا التضخم أو تقلبات الأسعار، بمعنى ان ارتفاع أسعار المواد الخام يدفع الشركات قد تشتري الآن لتجنب تكاليف أعلى لاحقا.