لماذا يحتاج صغار الفلاحين إلى استراتيجية خاصة؟

الاقتصاد الوطني - 27-05-2025

لماذا يحتاج صغار الفلاحين إلى استراتيجية خاصة؟

اقتصادكم

 

رغم كونهم يشكلون العمود الفقري للنسيج الفلاحي الوطني، إلا أن صغار الفلاحين لا يستفيدون بالشكل الكافي من برامج الدعم الحكومي. وفي هذا الإطار، دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى تبني مقاربة تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات المجالية لكل منطقة، وتضع في صلب اهتماماتها واقع الفلاح الصغير.

لا تزال الفلاحة تمثل إحدى الركائز الأساسية للنمو الاقتصادي في المغرب، غير أن السنوات الأخيرة، التي طبعها الجفاف وتقلّب المناخ، عرّت هشاشة هذا القطاع وأبرزت الحاجة إلى إعادة التفكير في نماذج الدعم والتأهيل، خاصة في المناطق القروية حيث ارتفعت معدلات البطالة وازدادت معاناة الساكنة.

ويمثل صغار ومتوسطو الفلاحين نحو 90% من المزارعين، وغالبيتهم يملكون أقل من ثلاثة هكتارات. وتظل هذه الاستغلاليات، التي يغلب عليها الطابع العائلي، حبيسة أنماط تقليدية، ضعيفة المكننة، ومحدودة في اعتماد الابتكار التكنولوجي. وعلى الرغم من إطلاق المغرب لمخطط "المغرب الأخضر" سنة 2008، ومن بعده استراتيجية "الجيل الأخضر"، واللذين مكّنا من تحقيق تقدم مهم خاصة على مستوى الزراعات الموجهة للتصدير، فإن هذه الخطط لم تنجح بالقدر الكافي في احتواء هشاشة الفلاح الصغير ومواكبته بالشكل اللازم.

ورغم الأهمية العددية لهؤلاء الفلاحين، إلا أن الكثير منهم لا يزال يعاني من الفقر أو الهشاشة الاجتماعية، نظراً لضعف أو عدم فاعلية برامج الدعم، ولغياب إطار قانوني يُمكّنهم من الحصول على التمويل والمواكبة التقنية اللازمة. كما أن اشتغال العديد منهم في إطار غير مهيكل يجعلهم خارج دوائر الاستفادة من القوانين أو التحفيزات.

وفي هذا السياق، يرى المهندس الزراعي عبد المؤمن قنوني أن "مخطط المغرب الأخضر ركّز على الجانب الزراعي البحت، من الإنتاج إلى التسويق والتصدير، لكنه أغفل أهمية التكامل مع باقي القطاعات. فبدون بنية تحتية قوية، من طرق وسدود ومحطات للتخزين والتلفيف، لا يمكن جذب الاستثمارات أو تحفيز الفلاحين على التغيير". كما أكد على ضرورة تحديث الترسانة القانونية لتلائم طبيعة الفلاحات الصغرى، التي تفتقر إلى التأطير الرسمي، ما يحرمها من فرص التمويل والتطوير.

وفي رأيه الأخير، دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى بلورة خطة عمل خاصة بصغار ومتوسطي الفلاحين، تأخذ في الاعتبار التحديات التي تواجههم، وتستثمر في الزراعات المحلية ذات القيمة المضافة العالية والقدرة على مقاومة التغيرات المناخية، مع تعزيز دور التعاونيات والهيئات الجماعية، كآلية لتسهيل الولوج إلى التقنيات الحديثة والتأطير التقني والمكننة الفلاحية.

كما شدد المجلس على ضرورة مواجهة التفتت العقاري، الذي يُعد من أبرز العوائق أمام الاستثمار، حيث يعاني العديد من الفلاحين من مشاكل الملكية المشتركة، مما يُعقد مساطر التمويل أو الحصول على تراخيص المشاريع. وفي جانب الثروة الحيوانية، أوصى المجلس بتطوير سلالات محلية أكثر قدرة على التكيّف مع ظروف الجفاف، وأقل تكلفة من السلالات المستوردة.

أما على مستوى التكوين والإدماج الرقمي، فإن نسبة مهمة من صغار الفلاحين لا يتقنون القراءة والكتابة، ما يحرمهم من الاستفادة من الوسائل الحديثة للتواصل والتكوين. لذلك، يُعد تسهيل الإجراءات الإدارية وتبسيط مساطر الاستفادة من برامج الدعم الحكومية خطوة أساسية في طريق تمكين هذه الشريحة من تحقيق التنمية المنشودة.

عن "فينونس نيوز" بتصرف