اقتصادكم-حنان الزيتوني
تطرح قضية التحفيزات الاستثمارية في القطاع الصحي الخاص بالمغرب إشكالا كبيرا بين من يرى فيها وسيلة لتشجيع الاستثمار وتحسين العرض الصحي، وبين من يعتبرها امتيازا غير مستحق لمؤسسات ربحية لا تساهم بالقدر الكافي في تحقيق العدالة المجالية والاجتماعية، فهل فعلا تستحق المصحات الخاصة في المغرب هذه التحفيزات الاستثمارية التي تمنح عادة للمشاريع ذات المنفعة العامة؟
ما المقصود بطلبات التحفيز الاستثماري؟
أوضح المحلل الاقتصادي محمد أفزاز، أن المقصود بطلبات التحفيز الاستثماري، وفقا للميثاق الجديد للاستثمار وعدد من القوانين المماثلة حول العالم، هو كل دعم أو امتياز تمنحه الدولة لتشجيع تنفيذ المشاريع الخاصة.
وقد يكون هذا الدعم ماليا مباشرا عبر مساهمات في تمويل المشاريع، أو ضريبيا يوضح المحلل من خلال الإعفاء من بعض الضرائب أو خفض معدلاتها، كما يمكن أن يتخذ شكل تحفيزات عقارية وإدارية، كمنح أراض بأسعار تفضيلية أو تسريع تراخيص البناء والتشغيل.
ويرى محمد أفزاز، في تصريح لموقع "اقتصادكم" أن التحفيز الاستثماري في القطاع الصحي الخاص يجب أن يخضع لمبدأ المنفعة العامة، وليس مجرد دعم للمستثمرين دون مقابل اجتماعي واضح.
وأضاف قائلا: «ينبغي ربط كل تحفيز استثماري بمعايير دقيقة، تضمن أن المشروع يساهم فعليا في تقليص الفوارق المجالية وتحسين الولوج إلى الخدمات الصحية، خاصة في المناطق القروية والنائية التي تعاني خصاصاً كبيرا في البنيات التحتية الصحية".
تمركز المصحات الخاصة يثير التساؤل
وأشار أفزاز إلى أن المؤشرات المتوفرة تؤكد أن نحو 90 في المئة من المصحات الخاصة بالمغرب متمركزة في المدن الكبرى، خصوصا في الدار البيضاء والرباط وعلى طول الشريط الساحلي من طنجة إلى أكادير.
وهذا التمركز الحضري الكبير يتنافى مع الهدف المعلن من دعم الاستثمارات الصحية، والمتمثل في مواجهة الفوارق الاجتماعية والمجالية، إذ لا توجد تقريبا مصحات خاصة في القرى أو المدن الصغيرة التي تعرف ضعفا في العرض الصحي العمومي، يضيف المحلل.
كما أن القطاع الخاص يستحوذ على أكثر من 60 في المئة من الإنفاق الصحي الوطني، فيما لا تتعدى حصة القطاع العام 40 في المئة، وهو ما يعكس هيمنة المصحات الخاصة على السوق، دون أن يعني ذلك استفادة أوسع للطبقات الفقيرة، بحكم ارتفاع الأسعار وغياب آليات صارمة للرقابة أو تسقيف الأثمان.
الجدوى الاقتصادية
وأضاف المتحدث ذاته، أن التحفيز الاستثماري «لا ينبغي أن يكون مكافأة على نشاط ربحي، بل أداة لتحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين الخدمات العمومية.
وأوضح أن منح الإعفاءات أو الامتيازات للمصحات الخاصة يجب أن يكون مشروطا بالتزامات واضحة، مثل تخصيص جزء من خدماتها للمناطق الفقيرة، أو تقديم خدمات بأسعار مخفضة للفئات الهشة، أو المساهمة في تكوين الكوادر الطبية وشبه الطبية.
ومن الناحية الاقتصادية، أوضح أفزاز أنه لا يمكن إنكار أن المصحات الخاصة تساهم في خلق فرص عمل وفي تنشيط الدورة الاقتصادية، غير حجم مساهمتها في التشغيل يظل محدودا مقارنة بحجم الأرباح التي تحققها.