اقتصادكم-حنان الزيتوني
تضمنت الخطوط العريضة لمشروع قانون المالية الذي عرضته وزيرة الاقتصاد والمالية أمام الملك محمد السادس، زيادة قياسية في ميزانية قطاع التعليم، ضمن غلاف مالي إجمالي قدره 140 مليار درهم موجه لقطاعي التعليم والصحة، في خطوة تعكس الإرادة الملكية القوية لإعادة الاعتبار لهذين القطاعين الحيويين، وضمان أن تكون الموارد المرصودة رافعة حقيقية لتحسين جودة الخدمات وتقليص الفوارق المجالية والاجتماعية.
هذه الزيادة غير المسبوقة في الميزانية تعد تحولا نوعيا في السياسات العمومية، لكنها تطرح في المقابل سؤالا مركزيا: كيف يمكن ضمان أن تتحول هذه الأرقام إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع؟
نقلة نوعية
وفي هذا الصدد يرى المحلل السياسي رضوان جاخا أن هذه النقلة النوعية في حجم الميزانية المخصصة للتعليم والصحة "تجسد رؤية ملكية استراتيجية لهذين القطاعين اللذين يفترض أن يتحولا مستقبلا إلى قطاعين سياديين، غير خاضعين للتجاذبات الحزبية، بعد أن ثبت فشل التدبير الحزبي في الارتقاء بهما".
وأضاف جاخا في تصريح لموقع "اقتصادكم" أن بلوغ هذه الميزانية ما يعادل خمسة عشر مليار دولار في سنة واحدة "يعكس حجم الرهان الذي يضعه جلالة الملك على هذين المجالين، باعتبارهما أساس التنمية البشرية ومحرك العدالة الاجتماعية".
صرامة في تدبير الموارد
وفيما يخص تنزيل الإجراءات التدبيرية، يؤكد المحلل أن "السنة التشريعية المقبلة ستكون استثنائية"، وذلك لسببين رئيسيين: أولا، لأنها تأتي في سياق مجلس وزاري ملكي، وهو ما يعني حسب قوله "الحزم والصرامة في حكامة تدبير الميزانية وضمان أثرها المباشر على المواطنين".
وثانيا، لأن الحكومة ستواكب هذه الميزانية الضخمة بخلق أكثر من 27 ألف فرصة شغل، ما يمثل تلاقحا بين تطوير البنيات التحتية وتعزيز الموارد البشرية، خاصة في المناطق القروية والجبلية التي تعاني خصاصا حادا في الأطر الصحية والتربوية.
ويرى جاخا أن الحكومة والبرلمان "في موقف لا يحسدان عليه" في ظل تصاعد الغضب الشبابي من أداء الفاعلين السياسيين، لذلك فإنهما مطالبان حسب تعبيره بـ"سنة تشريعية استثنائية تردم الهوة الصارخة بين الشباب والمؤسسات"، من خلال حسن تدبير ملفات التعليم والصحة والشغل، واعتماد مقاربات تواصلية جديدة تتجاوز منطق الخطاب الموسمي والفضاءات التقليدية.
العدالة المجالية
وفي محور العدالة المجالية، يؤكد جاخا أنه يعتز بالعناية الملكية السامية التي يوليها جلالة الملك لهذه المناطق، مشيرا إلى أن الخطابين الملكيين الأخيرين خلال أقل من أربعة أشهر "يحملان دلالات عميقة حول رؤية ملكية تتجاوز الزمن الحكومي والبرلماني، نحو سياسة عامة شمولية تكرس الإنصاف الترابي والاجتماعي".
واعتبر المحلل أن السنة التشريعية المقبلة ستكون زاخرة بالمشاريع الملكية الرامية إلى تأهيل المراكز القروية وتوسيع نطاق التنمية المجالية، داعيا .الحكومة والجهات والبرلمان إلى ابتكار آليات جديدة، مثل قانون الجبل الذي ظل مطلبا ملحا لسنوات