اقتصادكم
يبدو أن موضوع المحروقات سيواصل خلق المتاعب لحكومة عزيز أخنوش، خلال 2023، حيث تفيد الأنباء القادمة من الغرب، بأن أسعار النفط العالمية ستعود لتسجل مستويات 100 دولار بالنسبة لبرميل برنت، التي لم تبلغها منذ نهاية غشت 2022، لأسباب صحية واقتصادية وجيوسياسية.
ويرتقب أن تنعكس هذه التوقعات في حال تحققها على أسعار السوق الوطنية، التي يشتكى المستهلك من غلائها في الوقت الراهن، والذي يعد سائقوا النقل العمومي ونقل البضائع من أكبر المشتكين منه، فضلا عن انعكاساته على أسعرار المواد الأساسية تأثيره الواضح على القدرة الشرائية للمواطنين.
وعادت بنوك عالمية كبرى اليوم، بقيادة جولدمان ساكس ومورغان ستانلي، للحديث عن ترجيحات بعودة أسعار النفط لمستويات 100 دولار مجددا بحلول الربع الثالث 2023.
وتراوح أسعار النفط الخام حاليا بين مستويات 82 - 86 دولارا بالنسبة لخام برنت، وهي أسعار أعلى من تلاك التي سجلت نهاية 2022، عند متوسط 78 دولارا.
نهاية العام الماضي، بدأت الصين رفع مختلف القيود الصحية على جميع مرافقها ومدنها، في نهاية لسياسة "صفر كوفيد" التي اتبعتها منذ تفشي جائحة كورونا نهاية عام 2019.
وبدأت الحياة تدب تدريجيا في عديد المدن الرئيسة والتي كانت خاضعة لقيد صارمة، من جانب السلطات منعا لتفشي الفيروس، فيما بدأت سلاسل التوريد تستأنف عجلة دورانها.
الصين في الظروف الطبيعية هي أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، بمتوسط يومي يتجاوز 10.5 ملايين برميل، وهي ثاني أكبر مستهلك له بمتوسط يومي 13.5 مليون برميل يوميا.
ويصعد الاستهلاك لمستوى 14.5 مليون برميل يوميا، وفي بعض الفترات 15 مليون برميل يوميا، بسبب تصديرها للمشتقات إلى دول العالم.
لكن، الطلب المحلي على النفط تراجع خلال الشهور الخمسة الماضية، بنسبة وصلت إلى 15 بالمئة، وهو تراجع أثر سلبا على أسعار الخام العالمية.
وأمام إلغاء سياسة "صفر كوفيد"، يستعد النفط لتحقيق تقدم قوي بعد فترة مضطربة أخرى من التداول شهدت انخفاض الأسعار بسبب التداعيات الصحية، وتلك المرتبطة بالحرب الروسية في أوكرانيا.
ويمكن أن ترتفع أسعار النفط بسهولة إلى ما فوق 100 دولار للبرميل هذا العام، حيث يمكن أن تواجه الإمدادات الضيقة بالفعل مزيدا من التحديات بسبب زيادة الاستهلاك الصيني.
مطلع الشهر الجاري، نقلت وكالة أنباء بلومبرغ، عن روهان ريدي مدير الأبحاث في Global X Management، قوله إن الصين قد تضيف كمية كبيرة من الطلب على الخام، مما يساعد على رفع الأسعار إلى 110 دولارات.
وقال إن إحجام منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" عن زيادة الإنتاج، واحتمال أن يكون الاحتياطي الفيدرالي أكثر تشاؤما من العوامل الدافعة الصاعدة للنفط".
لكن الترجيحات خلال النصف الأول 2023، تؤشر إلى استمرار التقلبات في أسعارها، في الاتجاه الصعودي والهبوط على حد سواء.
واعتبارا من 5 فبراير المقبل، تدخل مرحلة جديدة من العقوبات الأوروبية على النفط الروسي، تتمثل بحظر واردات المشتقات المنقولة بحرا إلى معظم دول الاتحاد الأوروبي.
هذا القرار، من شأنه في مرحلة ما أن يدفع روسيا إلى تقليص الإنتاج لمواءمة الطلب الفعلي بالإنتاج، بينما تبحث دول التكتل عن أسواق أخرى لتلبية حاجتها من الوقود.
هذا التصعيد في شرق أوروبا، قد يدفع نحو إرباك سوق النفط، وربما تصل لمرحلة صدمة تدفع الأسعار صعودا على مستوى العالم.
ولا تبدو هناك أية مؤشرات على تراجع الأوروبيين عن عقوباتهم ضد النفط أو الوقود الروسي، خاصة مع عدم وجود أية حلول في الأفق لنهاية الحرب الروسية الأوكرانية.
روسيا هي ثالث أكبر منتج للنفط الخام في العالم، بالوضع الطبيعي، وتنتج 11 مليون برميل يوميا، وتصدر قرابة 5 ملايين برميل خام يوميا، ونحو 3 ملايين برميل من المشتقات يوميا.
أمام هذه المعطيات، إلى جانب ضعف الاستثمار العالمي في الطاقة التقليدية (النفط والغاز الطبيعي)، قد تصل بالأسعار مجددا إلى 3 خانات للمرة الأولى منذ غشت 2022.