اقتصادكم: صفاء الصبري
لا يبدو أن القلق المغربي بشأن إمدادات
الغاز الطبيعي سينتهي قريبا، فبعد تدبير أزمة قطع أنبوب الغاز المغاربي، عبر تأمين هذه المادة الحيوية من مصادر أخرى، جاءت الأزمة الروسية الأوكرانية لتهدد أحد تلك البدائل. باعتبار روسيا من أهم مصدري الغاز للمغرب والعالم.
وكان المغرب قد عمل على تأمين موارد جديدة للغاز، سواء عبر الاستيراد الخارجي، أو عبر التنقيب على الغاز في الأراضي المغربية، ما تأتى بالفعل بعد اكتشافات الغاز بكل من حقل تندرارة وحقل "أنشوا2" في منطقة ليكسوس بسواحل العرائش، لكن الاستفادة منها لن تكون آنية، في ظل الأوضاع غير المستقرة لسوق الطاقة العالمي.
من جهتها، كشفت المندوبية السامية للتخطيط في وقت سابق، أن مشتريات المغرب من منتجات الطاقة لعام 2021 تضاعفت في ظل زيادة الكميات المستوردة من الوقود والغاز وسلع الطاقة الأخرى، مشيرة في الوقت نفسه، إلى أن ذلك يحدث في سياق متسم بارتفاع أسعارها عند الاستيراد بـ50 في المائة.
وبحسب مكتب الصرف، فإن الفاتورة الطاقية للمغرب نهاية أكتوبر الماضي عرفت ارتفاعاً كبيراً، وصل إلى 43.1 في المئة، بسبب ارتفاع واردات الغاز والفيول بـ 996 مليون دولار، وارتفاع الأسعار بنحو 34 في المئة، بالموازاة مع ارتفاع حجم الكميات المستوردة ب10.7 في المئة.
في هذا الصدد، أوضح عمر الكتاني الخبير الاقتصادي، في تصريح ل"اقتصادكم" أنه في حال نشوب حرب بين أوكرانيا وروسيا، فإن المغرب سيتأثر حتما، بالنظر إلى حجم استيراده الكبير من روسيا في ما يتعلق باحتياجاته من الغاز.
وأوضح الكتاني أن هناك احتمالا لحصار المناطق المنتجة للغاز وتلك التي تعتمد عليها روسيا في التصدير حال وقوع الحرب، ما سيؤثر على صادرات روسيا.
وأضاف الخبير الاقتصادي، أن الحرب تعني حتما زيادة جديدة في أسعار الغاز، علما بأنها ظلت في ارتفاع مستمر طوال العام الماضي.
من جهة ثانية، ركز الكتاني على ضرورة اتخاذ المغرب لسياسات اقتصادية حكيمة بخصوص المواد الحيوية، "على المملكة أن تعمل على إيجاد البدائل الضرورية وتحقيق نوع من الاكتفاء الذاتي".
وأشار المتحدث ذاته إلى أن المغرب بدأ فعليا في سياسة إنتاج بدائل الطاقة من خلال الطاقات المتجددة، وأيضا عبر اكتشافات الغاز الأخيرة، "لكن هذا يحتاج أيضا إلى استثمارات كبيرة لكي تصبح هذه الاكتشافات مستغلة، وهو أمر ستكون له عوائد اقتصادية مهمة للمغرب في المستقبل".
وأضاف أنه "في الوقت الحالي لا يزال المغرب بحاجة إلى الغاز لأنه يلعب دورا مهما في عدد من القطاعات وأهمها القطاع الفلاحي، المحرك الأول للاقتصاد المغربي".
وشدد الكتاني على أن المغرب يحتاج لمراجعة سياساته الاقتصادية في ما يخص المواد الحيوية، لأن سيادة أي دولة تعتمد على حصولها على ما يكفي من تلك المواد وأن لا يتجاوز الخصاص فيها نسبا قليلة.
من جهة ثانية، فإن الغاز ليس عنصرا حاسما في سياسة الطاقة المغربية، إذ لا يمثل حصة كبيرة في إنتاج الطاقة الكهربائية، والذي يتأتى بنسبة 60 في المائة من النفط و25 في المائة من الفحم و10 في المائة من الطاقات المتجددة.
ويراهن المغرب في استراتيجية الانتقال الطاقي على الغاز بهدف إنتاج الطاقة، بحيث يتوخى نقل مساهمته من 5 في المائة إلى 13.5 في المائة، أي حوالي 5 مليارات متر مكعب في أفق 2030، بهدف تعويضه للفحم، طبقا لالتزامات المملكة في اتفاقيات كيوتو.
من جهتها ترى وكالة الطاقة الدولية أن المغرب يسعى إلى زيادة حصة الغاز الطبيعي، كما يتطلع إلى استعمال وسائل أخرى للتزود بمصادر الطاقة، بما في ذلك الاستيراد عبر أنبوب الغاز المتقاسم مع نيجيريا، ويرنو في الوقت نفسه إلى تسهيل التبادل على مستوى الكهرباء مع أوروبا وجيرانه الأفارقة.