اقتصادكم
تشهد السوق المغربية منذ مطلع عام 2024 موجة غلاء غير مسبوقة في أسعار القهوة، حيث وصلت الزيادة إلى حوالي 150% مقارنة بسنة 2023، خاصة بالنسبة للعبوات الصغيرة المخصصة للاستهلاك الفردي. هذه الزيادة الحادة أثارت حالة من القلق لدى المستهلكين، وأطلقت نقاشا واسعا حول أسباب هذا الارتفاع المفاجئ، الذي لا يعكس التطورات الحاصلة في السوق الدولية.
ورغم أن أسعار البن عالميا عرفت ارتفاعا خلال الفترة ذاتها، إلا أنه بقي في حدود 10% إلى 30% فقط، حسب مؤشرات الأسواق العالمية، وهو ما يسلط الضوء على الهوة الكبيرة بين تطور الأسعار داخليا وخارجيا، ويطرح علامات استفهام حول آليات التسعير المعتمدة في السوق المغربية.
ويفسر بعض المهنيين جزءا من هذا الارتفاع بعوامل مناخية أثرت على إنتاج البن في دول أمريكا اللاتينية وإفريقيا، من أبرزها موجات الجفاف وتقلبات الطقس الناتجة عن ظاهرة "إل نينيو"، إضافة إلى مشاكل في سلاسل الإمداد بسبب اضطرابات النقل البحري. ومع ذلك، يرى المعنيون أن هذه العوامل لا تكفي لتبرير التضخم المفرط المسجل محليا.
ومن جهة أخرى رجحت عدد من الأصوات المهنية أن يكون هناك اختلال في سلاسل التوزيع الوطنية، أو حتى ممارسات احتكارية ومضاربات تجارية داخل السوق، ساهمت في تضخيم الأسعار بشكل غير منطقي. ويخشى أن يكون المستهلك المغربي هو الضحية الأولى لهذا الوضع، في وقت تشهد فيه البلاد ارتفاعا عاما في تكاليف المعيشة ومستويات التضخم.
وفي ظل هذا الوضع المقلق، طالبت هيئات مهنية وجمعيات لحماية المستهلك وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الرقمي بفتح تحقيق شفاف حول أسباب هذه الزيادات، وإعداد تقرير مفصل حول الفروق بين الأسعار الدولية والوطنية. كما دعت إلى إقرار تدابير فورية لضبط السوق، ومنع أي تلاعب في الأسعار، مع تعزيز آليات مراقبة سلاسل التوزيع.
الجدير بالذكر أن القهوة تعد من المواد الأساسية في استهلاك الأسر المغربية، وتندرج ضمن النفقات اليومية لشرائح واسعة من المجتمع. ومع تزايد أسعارها بهذا الشكل، يواجه العديد من المواطنين صعوبات في الحفاظ على نمط استهلاكهم المعتاد، ما قد يؤدي إلى تغييرات في السلوك الاستهلاكي أو اللجوء إلى منتجات منخفضة الجودة.