الاكتشافات البترولية والغازية في المغرب: تفاؤل وإحباط أو دعاية تسويقية؟

آخر الأخبار - 09-02-2025

الاكتشافات البترولية والغازية في المغرب: تفاؤل وإحباط أو دعاية تسويقية؟

اقتصادكم - سعد مفكير

 

تتضارب الأنباء حول الاكتشافات البترولية والغازية في المغرب بين تفاؤل متكرر وحذر متباين، واختلاط في الأرقام والمفاهيم والمصطلحات، حتى أصبحنا أمام واقع يصعب فيه التعليق على أي جديد يتعلق بقطاع الطاقة في بلادنا.

في السنوات الأخيرة، حظي المغرب باهتمام كبير في مجال اكتشافات البترول والغاز، حيث أُعلِنَ عن العديد من الاكتشافات المبدئية في مناطق مختلفة من المملكة، التي أحيت آمالًا كبيرة في إمكانية أن يؤمن المغرب احتياجاته من الطاقة وأن يصبح فاعلا رئيسيًا في سوق الطاقة في المنطقة. إلا أن هذه الإعلانات التي تم تداولها في الإعلام لم تخلُ من الشكوك والانتقادات والانتكاسات، حتى أصبحت في بعض الأحيان مجرد دعاية تسويقية لشركات النفط والغاز.

بدأت محاولات البحث عن البترول والغاز في المغرب منذ عقود، حيث كانت المملكة تركز على استكشاف مكامن الطاقة في مناطق مختلفة من السواحل الأطلسية إلى الشرق. في السنوات الأخيرة، شهد المغرب عددًا من الاكتشافات التي كانت قد أثارت اهتمام شركات الطاقة الدولية، أبرزها شركات متعددة الجنسيات، مثل "ساوند إنيرجي" و"شاريوت" و"إس دي أكس" و"إنرجيان". 

التفاؤل والآمال مقابل الشك والاحباط

ساهمت هذه الاكتشافات المبدئية في خلق جو من التفاؤل بشأن قدرة المغرب على تعزيز احتياطيه من الغاز والبترول. فقد تم الحديث عن إمكانية تحسين قدرة المغرب على تأمين احتياجاته من الطاقة بشكل ذاتي، وتقليل اعتماده على الاستيراد من الخارج. كما أن هذه الاكتشافات أُدرِجت ضمن استراتيجيات الحكومة في مجال التنقيب عن الطاقة، بما في ذلك سعيها لتنويع مصادر الطاقة وتحقيق الاكتفاء الذاتي من خلال تشجيع الاستثمارات في هذا القطاع.

ولكن رغم التفاؤل الكبير، لا يخلو الحديث عن الاكتشافات البترولية والغازية في المغرب من نكسات وتحديات، فقد تبين أن العديد من الاكتشافات المبدئية لم تكن بالقدر الذي كان متوقعًا، إذ تعرضت بعض الشركات للإحباط نتيجة عدم الحصول على النتائج المرجوة. على سبيل المثال، عبرت شركة "إنرجيان" عن نيتها التخارج من مشروع حقل أنشوا البحري في المغرب لأن عمليات الحفر اللاحقة لم تؤدِ إلى نتائج ملموسة أو كبيرة.

 دعاية تسويقية؟

من جهة أخرى، يشير الخبراء إلى أن بعض الاكتشافات التي تم الإعلان عنها قد تكون مجرد محاولات دعائية لبعض الشركات، التي تسعى لجذب الاستثمارات أو تحسين صورتها العامة في سوق الطاقة والبورصة. إذ أن الإعلان عن اكتشافات غير مؤكدة أو غير مستدامة قد تكون أداة تسويقية للضغط على السوق أو لتحفيز زيادة الاستثمارات في المشاريع ذات الصلة.

خلط في المعطيات

ويرى الخبير الطاقي أمين بنونة، في تصريح لموقع "اقتصادكم" أنه طالما قام المستكشفون بتقديم أرقام وصيغ غير مسبوقة وراء اكتشافاتهم، حيث قاموا بتغيير وحدات القياس، مشيرا إلى أنه عندما نتحدث عن الأقدام المكعبة ونضيف بضعة أمتار مكعبة يكون الفرق كبيرا".

وأضاف الخبير أنه عندما يُعلن عن أرقام بالأقدام المكعبة بينما يتعود الناس على الأمتار المكعبة، يحدث الخلط بينهما، في هذه الحالة، قد يعتقد البعض أن الرقم المُعلن عنه أكبر بـ 37 مرة من الواقع، وهو نوع من اللعب بالأرقام، موضحا أن البعض :"وبسبب رغبتهم في نشر أخبار مثيرة، يضيفون تفاصيل غير ضرورية، وبالتالي يحدث اللبس. وهذا يعكس مشكلة تتعلق بفهم الوحدات وكيفية استخدامها بشكل صحيح".

مراحل التنقيب عن النفط والغاز

وأكد بنونة أنه بالنسبة لقطاع التنقيب عن النفط والغاز، فإن العملية تنطوي على ثلاث مراحل رئيسية، تبدأ أولاً بتقدير احتياطيات يتم تحديدها بناءً على تقنيات الجيولوجيا قبل البدء في الحفر الاستكشافي، والمرحلة الثانية هي عندما نذهب إلى الحقل للحصول على معلومات أدق، أما المرحلة الأخيرة، فهي ما نسميه الاحتياطيات المثبتة، والتي نتحقق منها عندما نسمح للغاز بالخروج من البئر ليوم كامل ونقوم بحرقه باستخدام شعلة، ما يسمح لنا بتقدير كمية الغاز التي يمكن استغلالها فعليًا.

ويعتقد الخبير، في تصريح لموقع "اقتصادكم"، أن ما يُعلن عنه من احتياطيات ليس كبيرًا مقارنةً بحاجات المغرب من الطاقة. ورغم ذلك، تعتبر هذه الاكتشافات مجدية اقتصاديًا إذا تم استغلالها، طالما أن الشركات ستكون قادرة على استرداد استثماراتها. 

وتبقى الأسئلة المتعلقة بقدرة المغرب على تطوير هذه الاكتشافات على أرض الواقع دون أن تواجه عقبات اقتصادية أو بيئية، من أبرز التحديات التي تواجه القطاع. من المعروف أن عمليات التنقيب والحفر تستغرق وقتًا طويلاً وتكلفة باهظة، كما أن الجدوى الاقتصادية للمشاريع قد تكون محدودة في بعض الأحيان إذا لم تكن الاحتياطيات كبيرة بما يكفي لتبرير استثمارات ضخمة.