التضخم والعقبات الجمركية ينعشان تجارة قطع الغيار المقلدة

آخر الأخبار - 29-07-2023

التضخم والعقبات الجمركية ينعشان تجارة قطع الغيار المقلدة

اقتصادكم

 

اتسع نطاق تجارة قطع الغيار المقلدة أخيرا، بعلاقة مع موجة التضخم العالمية واضطراب سلاسل الإمداد منذ اندلاع الحرب الروسية-الأوكرانية واستفحال تداعيات كورونا، لتصبح هذه المنتوجات البديل الأقل كلفة أمام ملاك السيارات، في ظل الارتفاع الكبير لأسعار القطاع الأصلية لدى الموزعين، الذين اشتكوا بدورهم من تداعيات "التضخم" وارتفاع قيمة الرسوم الجمركية. 

ورغم تباطؤ الإقبال على اقتناء السيارات الجديدة، بعد تفييد العروض الائتمانية والترويجية من قبل البنوك وشركات السيارات، لم يتراجع الطلب في سوق قطع الغيار، خصوصا على الطرازات الأوربية، التي استحوذت على حصة مهمة في مبيعات السيارات المستعملة.

وتركت شركات السيارات المجال مفتوحا أمام الموزعين، الذين يواجهون عقبات جمركية تنهكهم تجاريا، وتخفض هامش أرباحهم إلى مستويات دنيا، الأمر الذي انعكس سلبا على الأسعار، وجعلها تتطور بشكل سريع موازاة مع ندرة قطع الغيار الأصلية، ما ترك المجال مفتوحا أمام صنف آخر من القطع المقلدة، التي تراهن على السعر المنخفض لجذب الزبناء والباحثين عن قطع غيار، يستحيل على الزبون طلبها من الشركة أو استيرادها من الخارج.

وإذا كان العنصر البشري مسؤولا عن 80 % من حوادث السير، فإن 20 % المتبقية مرتبطة بشكل كبير بقطع الغيار المقلدة، التي تؤثر على متانة المركبات وأدائها، وبالتالي سلامة مستعمليها، إذ تشير الإحصائيات الرسمية الأخيرة إلى أن ما بين 20 % و30 من قطاع الغيار المستعملة في السيارات بالمغرب مقلدة.

وإلى جانب قطع الغيار المصنعة محليا، تشكل قطع الغيار المستوردة النسبة الأكبر من القطع المنتشرة في السوق المحلية، إذ تصل إلى 90 %، وترتفع هذه النسبة بالنسبة إلى قطع الغيار الخاصة بالسيارات الآسيوية، رغم وجود معامل تابعة لشركات متعددة الجنسيات متخصصة في تصنيع قطع السيارات، إلا أن أغلبها موجه إلى التصدير.

وفي هذا الإطار، ينشط عدد من المستوردين الموزعين لقطع الغيار الأوربية والأسيوية، بالإضافة إلى عدد كبير من مستوردي القطع "المكيفة"، أي التي تستجيب للشروط المفروضة من قبل كبار المصنعين، الذين يزودون السوق بحوالي نصف مبيعات قطع الغيار، عن طريق شبكة من الموزعين منتشرة في جميع أنحاء المغرب، في ما يتقاسم النسبة الباقية شبكات التصنيع المحلية، بحوالي 20 في المائة من سوق قطع الغيار، بالإضافة إلى الباعة المتجولين وأصحاب المرائب الخاصة بتسويق وبيع قطع الغيار.

وتظل قطع الغيار المقلدة المشكل الأكبر الذي يواجه سوق قطع غيار السيارات في المغرب، ذلك أنه رغم توسع سوق السيارات الجديدة، إلا أن الاتجاه نحو قطع الغيار المقلدة ظل هو السائد، بالنظر إلى أثمنتها المنخفضة مقارنة مع قطع الغيار الأصلية، إذ يتعدى الفرق في السعر أحيانا النصف، ورغم ذلك، فإن قطع الغيار الأصلية لها بدورها الأوفياء، الذين يعتبرون حملها علامة الصانع الأصلي الضمان الوحيد على جودتها.

إلى ذلك، يرتبط رواج قطع الغيار المقلدة برواج السيارات القديمة والعلامات الأجنبية، "الغريبة" عن السوق المغربية. يتعلق الأمر ببعض العلامات الأمريكية والآسيوية، التي يتطلب استبدل قطع غيار سياراتها كلفة مالية باهظة، وتظل أسواق المتلاشيات الفضاء الأمثل لتداول هذه الأنواع من قطع الغيار، التي غالبا ما تدخل إلى السوق عبر الاستيراد الشرعي، رغم وجود جهة مناط بها مراقبة جودة واردات قطع الغيار، إذ يراقب مركز المراقبة التقنية لصناعة السيارات بالبيضاء، الذي أحدثه مهنيو القطاع سنة 2005، بشراكة مع وزارة الصناعة، وبتمويل من الاتحاد الأوربي، جودة القطع المستوردة من الدول المشكوك في جودة منتجاتها الصناعية.

وتشير معطيات للمركز المذكور، إلى أنه خلال سنة واحدة فقط، كانت القطع المقلدة تمثل أكثر من 90 % من القطع المعروضة على المركز. أما في سنة أخرى، فقد تراجعت النسبة إلى حدود 22 %، ويظل لقطع الغيار المستنسخة تأثير سلبي على قطاع السيارات ككل، خصوصا مشكل غياب الضمانة، وكذا المشاكل التقنية التي تتسبب فيها قطعة غيار مقلدة تبلغ قيمتها 100 درهم على السلامة التقنية للسيارة ككل.

ويتحمل بعض المستوردين أيضا نصيبا من المسؤولية في انتشار تداول قطع الغيار المقلدة، إذ يظل اهتمام أغلبهم منصبا على الربح السريع عبر إغراق السوق، فيتصلون بمزودهم الصيني، ويحددون له نوعية قطع الغيار التي يريدونها، وكذا دولة المنشأ، ليحصلوا بعد شهر على البضاعة بالمواصفات المتفق عليها، يأخذون عينة من الشحنة إلى مصالح المركز ويساومون على تمريرها.