القطاع الفلاحي: أزمة المياه والطاقة ورحلة البحث عن التوازن

آخر الأخبار - 11-02-2025

القطاع الفلاحي: أزمة المياه والطاقة ورحلة البحث عن التوازن

اقتصادكم


يُعتبر استخدام الطاقة المتجددة في القطاع الفلاحي ، وبالأخص الطاقة الشمسية في الري، استراتيجية ذات فوائد كبيرة، لكنها في الوقت ذاته تحمل بعض التحديات التي تتطلب الموازنة بينها.

يواجه القطاع الفلاحي في المغرب، الذي يمثل حوالي 14% من الناتج المحلي الإجمالي، العديد من التحديات الكبرى من بينها تأثير نقص المياه وارتفاع تكاليف الطاقة على ربحية الفلاحين والأمن الغذائي. وللتغلب على هذه الصعوبات، يبرز استخدام مصادر الطاقة المتجددة، وبالخصوص الطاقة الشمسية، كحل مجدي فهو لا يساهم في تقليل انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري فقط، بل يساعد أيضًا في خفض التكاليف المرتبطة بالكهرباء والوقود الأحفوري. ولأن 80% من الأراضي الفلاحية في المغرب صغيرة الحجم، فهي لا تحتاج إلى كميات كبيرة من الطاقة للري، ما يجعل هذه الفكرة جذابة بشكل خاص للفلاحين، خاصة في المناطق النائية.

وفي هذا السياق، قال أنس البويوسفي، الرئيس التنفيذي لشركة Suncorp، في حوار مع جريدة "فينونس نيوز": "إن التحول إلى الطاقة المتجددة، خاصة الشمسية، هو رد مباشر على تكاليف الوقود الأحفوري المرتفعة التي تثقل كاهل الفلاحين، اعتماد أنظمة ضخ الطاقة الشمسية للري يمكن أن يقلل التكاليف التشغيلية بنسبة تصل إلى 60% ويوفر استقلالية للطاقة للفلاحين، خاصة في المناطق القروية والنائية". 

وفي إطار ذلك، أطلق وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، برنامجًا تشجيعيًا لتركيب المضخات الشمسية على مساحة 51 ألف هكتار، بدعم مالي قدره 30 ألف درهم لكل مشروع عبر صندوق التنمية الفلاحية. ويستهدف هذا البرنامج بشكل خاص الأراضي الصغيرة والمتوسطة، التي تتأثر أكثر بتقلبات تكاليف الطاقة.

يتمتع المغرب بإمكانات شمسية استثنائية، إذ يبلغ متوسط سطوع الشمس السنوي حوالي 3000 ساعة، ويسعى هذا المشروع للاستفادة من هذا المورد الطبيعي لصالح التنمية الزراعية المستدامة. كما أن دمج الطاقة الشمسية في الري يُحسن قدرة الأراضي على التكيف مع التغيرات المناخية. 

وأضاف المتحدث ذات أنه "من خلال استبدال مولدات الديزل بأنظمة الطاقة الكهروضوئية، يقلل القطاع الفلاحي من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بشكل كبير، مما يساهم في التزامات المغرب تجاه التنمية المستدامة كما أن هذه الأنظمة تُحسن من استخدام الأراضي وتعزز إنتاجية المحاصيل".

استراتيجية ذات حدين

على الرغم من الفوائد الاقتصادية والبيئية لهذا البرنامج، فإن سهولة الوصول إلى الطاقة الشمسية للضخ قد تثير تحديات أخرى، إذ إن هذا التطور قد يؤدي إلى تكثيف استخراج المياه الجوفية، في وقت يعاني فيه المغرب من نقص كبير في الموارد المائية، حيث يُقدر العجز السنوي بـ 1 مليار متر مكعب، وقد يؤدي غياب التنظيم الصارم إلى استنزاف غير منضبط لهذه الموارد.

وفي عام 2023، أكد وزير التجهيز والماء، نزار بركة، أن "90% من عمليات حفر الآبار في المغرب تتم بدون ترخيص". ومن هنا، يتضح أن دعم ضخ المياه دون تنظيم دقيق قد يعمق المشكلة، ويزيد من استنزاف المياه الجوفية.

وللتعامل مع هذه الإشكالية، أعلنت الحكومة عن استثمار كبير يصل إلى 16 مليار دولار بحلول 2027 بهدف السيطرة على موارد المياه، بما في ذلك تحسين استغلال السدود والمخزون الجوفي. لكن لتحقيق أقصى استفادة من مشروع الري بالطاقة الشمسية، يحتاج الأمر إلى المزيد من التعديلات. ووفقًا للبويُوسفي، فإن اعتماد خدمات الإدارة الخارجية بأسعار تنافسية من شأنه أن يسمح للفلاحين بالوصول إلى أحدث التقنيات وتحسين استهلاكهم للطاقة والمياه، كما أن وجود إطار تنظيمي واضح بشأن تصاريح الضخ وإدارة الحفر يعد أمرًا بالغ الأهمية لتفادي استغلال غير مبرر للموارد.