انتعاش قطاع البناء والأشغال العمومية يصطدم بتحدي نقص اليد العاملة

آخر الأخبار - 10-10-2025

انتعاش قطاع البناء والأشغال العمومية يصطدم بتحدي نقص اليد العاملة

اقتصادكم

 

على الرغم من الحركية الكبيرة التي يعرفها قطاع البناء والأشغال العمومية في المغرب بفضل إطلاق عدد من الأوراش الكبرى، غير أن هذه الدينامية تصطدم بعائق حاد يتمثل في نقص اليد العاملة المؤهلة، ما يطرح تحديات جديدة أمام الفاعلين في المجال.

وتجد العديد من القطاعات، وفي مقدمتها قطاع البناء والأشغال العمومية، صعوبة كبيرة في توظيف العمالة اللازمة أو المؤهلة لإنجاز مشاريعها في الآجال المحددة.

الطلب يتجاوز العرض

وقال هشام التامري، مدير عام إحدى شركات البناء والأشغال العمومية في الدار البيضاء، في تصريح لجريدة "Finances news hebdo "، إن "القطاع يعاني فعلاً من أزمة حقيقية في استقطاب اليد العاملة المؤهلة، مما اضطرنا إلى توظيف موارد بشرية جديدة أو تفويض بعض الأشغال لمقاولات مناولة".

ويضيف: "نعيش معاناة حقيقية، خصوصاً مع غياب الكفاءات المتخصصة في بعض المجالات الدقيقة، وهو ما يؤثر على سير الأشغال بشكل كبير".

مهن جديدة تواجه عزوفاً من العمال

رغم بروز مهن جديدة في القطاع في السنوات الأخيرة، مثل العزل الحراري، تقنيات الربط بشبكات الهاتف والإنترنت، أو الكفاءات المرتبطة بالنجاعة الطاقية، إلا أن المقاولات تجد صعوبة متزايدة في إيجاد الأشخاص المؤهلين لهذه الوظائف.

وتظل بعض التخصصات مطلوبة بشدة ويصعب تغطيتها، مثل سائقي الآليات الثقيلة، بناة المنشآت الفنية، النجّارين المتخصصين، أو تقنيي قنوات المياه والصرف. وعادة ما تُعتبر هذه الوظائف أقل جاذبية مقارنة بمهن أخرى، وهو ما يفسر عزوف العديد من الشباب عنها.

وغالبًا ما يتوجه الشباب العاطلون إلى هذا النوع من الوظائف فقط خلال فترات الجفاف أو عند ركود النشاط الفلاحي، باعتباره خياراً اضطرارياً.

صعوبات في الاحتفاظ بالعمال

يشير التامري إلى صعوبة الاحتفاظ بالعمال حتى بعد تكوينهم، قائلاً: "ليس من السهل الحفاظ عليهم؛ فعند أول فرصة يحصلون فيها على عرض مالي أفضل، يغادرون إلى مقاولات أخرى. القطاع يعرف حركة كبيرة في اليد العاملة".

كما أن بعض المشاريع تُقام خارج المدن أو في المناطق القروية، وهو ما يزيد من صعوبة استقطاب تقنيين أو مهندسين للعمل في بيئة يعتبرونها غير مشجعة.

تكوين غير كافٍ وغياب التحفيز

ويعزى هذا النقص في اليد العاملة المؤهلة إلى أن أغلب العمال يتعلمون المهنة ميدانياً داخل الورشات، عبر الممارسة، وهو مسار يتطلب وقتاً قبل الوصول إلى مستوى من الاحتراف والكفاءة.

أما مراكز التكوين المهني (OFPPT) والمعاهد المتخصصة، فهي لا تغطي سوى جزء من حاجيات السوق المتزايدة، في ظل الإقبال المحدود على هذه التخصصات.

ويُضاف إلى ذلك أن المهن المرتبطة بالبناء تُعتبر مرهقة جسدياً وغير محفزة من حيث الأجور، ما يجعلها غير مغرية للعديد من الباحثين عن عمل.

مشاريع كبرى تُعزز الضغط على القطاع

خلال السنوات الأخيرة، عرف القطاع دفعة قوية بفعل إطلاق مشاريع بنية تحتية ضخمة تشمل الطرق، والسكك الحديدية، والموانئ، والمطارات، إلى جانب مؤسسات تعليمية وصحية وجامعية.

وتؤكد الأرقام هذا التطور، حيث ارتفعت مبيعات الإسمنت بنسبة 8.2% حتى نهاية غشت 2025، وهي وتيرة مرشحة للاستمرار خلال السنوات المقبلة، في ظل تزايد عدد المشاريع المبرمجة، وعلى رأسها التحضيرات لكأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم 2030، والتي أعلنت الحكومة بشأنها إطلاق عدد من الأوراش الكبرى المهيكلة.

في ظل هذا السياق، يبرز التحدي الأكبر: كيف يمكن تأمين الموارد البشرية الضرورية لمواكبة الطفرة العمرانية؟

يبدو أن القطاع بحاجة إلى إصلاحات هيكلية تشمل التكوين، وتحسين ظروف العمل، وتقديم تحفيزات مادية ومعنوية لجعل المهن المرتبطة بالبناء أكثر جاذبية واحترافية.