اقتصادكم
تراجع فرانسيس بيرين، الكاتب الفرنسي، عن هجومه المستمر على الغاز المغربي، وعدم جدوى الاكتشافات الأخيرة في المملكة، مشيرا إلى أن المغرب يمتلك إستراتيجية هائلة لتطوير الطاقة المتجددة.
و أكد مدير الأبحاث في معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية "IRIS"، أن المغرب يمتلك عدّة اكتشافات، لا سيما في قطاع الغاز، على الرغم من أنه ليس لديه إمكانات كبيرة لتطوير الهيدروكربونات على نحوٍ مستمر، مضيفا أن المغرب سيصبح دولة محفزة للتنقيب عن النفط والغاز.
وكان بيرين قد ذكر في تصريحات سابقة، أنه ليس هناك ما يضمن حدوث اكتشافات جديدة في مجال الغاز المغربي على المدى الطويل، كما يُعدّ الاعتماد على الاستكشاف لتعويض الإمدادات الجزائرية "مخاطرة كبيرة".
كما أشار إلى أن السبيل لضمان توازن أفضل لمزيج الطاقة المغربي هو الحفاظ على سياسة طاقة تشمل 4 عناصر مع الركيزتين الرئيستين: الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، موضحا أن العناصر الـ4 في مزيج الطاقة، تضم تطويرا قويا لمصادر الطاقة المتجددة، ولا سيما الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وتوفير كبير للطاقة وكفاءة أكبر، حتى ترشيد استهلاك الطاقة، والتطوير المستمر للهيدروكربونات (النفط والغاز الطبيعي).
وتشمل العناصر مشروع استيراد الغاز الطبيعي المسال الذي جرى الحديث عنه منذ مدّة طويلة، إذ أدى قطع العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والجزائر وإغلاق خط أنابيب المغرب العربي وأوروبا إلى إعادة هذا المشروع لقلب سياسات الطاقة وإطلاق الفكرة مجدا.
وبالنسبة للطاقة النووية، فإنها تطرح مشكلات اقتصادية وأمنية هائلة؛ إذ تُعدّ ثقيلة للغاية من حيث تكاليف الاستثمار، وتشكّل تحديًا كبيرًا للتمويل، ومن ثم، توجهت الصناعة النووية في العالم نحو المفاعلات المعيارية الصغيرة، فضلا عن التحدي الأمني الذي يتطلب ثقافة أمنية عالية للغاية.
وفي هذا الصدد، قال بيرين، إنه من الطبيعي استكشاف هذا القطاع، ومراجعة مزاياه وعيوبه، ودراسة سبل التعاون مع الدول التي تمتلك التكنولوجيا، ومعرفة ما إذا كان الخيار النووي يمكن أن يحجز مكانه في مزيج الطاقة الوطني، أم لا.
وأضاف، "عموما، سنستفيد جميعا من التقدم بشكل أسرع.. هناك قضية تغير المناخ، والتي تفترض مسبقًا إزالة الكربون بشكل كبير من الاقتصاد العالمي.. في هذا الجانب، نحن جميعا في القارب نفسه".
وأوضح أن أنواع الوقود الأحفوري الـ3 (النفط والفحم والغاز الطبيعي) تمثّل حاليا ما يزيد قليلا عن 80% من استهلاك الطاقة العالمي، وهو وضع لم يتغير منذ 20 سنة، إذ يمتلك الوقود الأحفوري الثقل نفسه دائما، تقريبا.
وقال أيضا، "في الوقت الحالي، لم نصل إلى هناك بعد.. تتطور الطاقة المتجددة بشكل سريع بالتأكيد، ولكن بما أننا بدأنا من لا شيء، فإنها لا تزال محدودة بنسبة 6% من الطاقة المستهلكة على المستوى الدولي".
في سياقٍ آخر، أعرب بيرين عن أسفه لقلّة الاستثمار في قطاع التكرير؛ إذ إن أكثر ما يظهر في الواقع هو سوق النفط الخام، والاستثمارات في التنقيب عن النفط، "وننسى أن النفط هو سلسلة قيمة لها عدّة روابط، بما في ذلك التكرير".
كما تطرَّق الباحث الفرنسي، إلى قرار تحالف أوبك+ التاريخي، في 5 أكتوبرالماضي، بخفض سقف إنتاجه الجماعي البالغ مليوني برميل يوميًا، بدءا من نونبرالجاري وحتى نهاية العام المقبل (2023).
وأوضح أن هذا القرار هو خروج عن قرارات التحالف السابقة، فمنذ عام 2021، زاد تحالف أوبك+ بانتظام من أهدافه الإنتاجية كل شهر؛ لكن خفضَ التحالف الإنتاج بمقدار 100 ألف برميل يوميا في أكتوبر، ما أدى إلى اتجاه أكبر في الشهر التالي.
وقال، إن هذا الوضع الجديد تفسّره عوامل اقتصادية ونفطية؛ إذ يراقب تحالف أوبك+ الاقتصاد العالمي وسوق النفط اليوم وغدًا عن كثب، كما يخشى حدوث ركود عالمي في عام 2023.
لذلك، قرر تحالف أوبك+ أنه بدلا من أن يكون ردّ فعل، من الأفضل أن يكون استباقيًا، من خلال تقليل إمدادات النفط العالمية، الهدف هو الحدّ من الأضرار المحتملة للنفط في عام 2023، وفق بيرين.