اقتصادكم
كشفت مؤشرات اقتصادية حديثة إلى اتجاه عام نحو تراجع تدريجي في أسعار الغذاء داخل أغلب الاقتصادات المتقدمة خلال السنة المقبلة، غير أن هذا المسار لن يكون موحدا، إذ يتوقع أن تختلف سرعة الانخفاض وحدته من بلد إلى آخر، مع بقاء كندا حالة استثنائية تواصل فيها الضغوط الغذائية حضورها القوي، وذلك حسب تحليل أوردته منصة "إنفستنغ دوت كوم" استنادا إلى تقديرات مؤسسة “كابيتال إيكونوميكس".
وأبرز التحليل ذاته أن التضخم الغذائي عاد ليشكل عامل ضغط رئيسي على الأسر في دول مثل اليابان والمملكة المتحدة وكندا، بعدما سجل ارتفاعات لافتة في الأشهر الأخيرة، مسهما بشكل مباشر في رفع معدلات التضخم الإجمالية، في المقابل، تبدو الأوضاع أكثر توازنًا في كل من الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، حيث ظل تأثير الغذاء على التضخم محدودا نسبيا.
وكشفت البيانات أن اليابان سجلت أعلى المستويات، إذ بلغ تضخم أسعار الغذاء نحو 6% خلال شهر نونبر، ما جعل هذا المكون وحده مسؤولا عن قرابة 60% من التضخم الكلي، في مؤشر على اختلال واضح في هيكلة الأسعار، أما في بريطانيا وكندا، فقد استقر التضخم الغذائي عند 4.2%، مع مساهمة ملموسة في التضخم العام، خصوصا في كندا حيث يقترب من ثلث الارتفاع المسجل في مؤشر الأسعار.
وعلى النقيض، حافظت الولايات المتحدة ومنطقة اليورو على معدلات أكثر اعتدالا، لم تتجاوز 2.6% و2.4% على التوالي، وهو ما يعكس فروقًا هيكلية بين الاقتصادات، سواء على مستوى سلاسل التوريد، أو أوضاع سوق العمل، أو طبيعة التدخلات الحكومية في ضبط الأسعار.
وترجع “كابيتال إيكونوميكس” جزءا كبيرا من موجة الغلاء الغذائي الحالية إلى الزيادات السابقة في أسعار السلع الزراعية عالميا، والتي تنتقل آثارها إلى المستهلك النهائي بوتيرة بطيئة نسبيا بفعل عقود التوريد الطويلة وتعقيد سلاسل الإنتاج، وقد ساهمت اضطرابات مناخية حادة في رفع أسعار منتجات أساسية مثل لحوم الأبقار والبن، بعد تراجع أعداد الماشية وضعف المحاصيل.
وغير أن العوامل العالمية، وفق التحليل، لا تفسر وحدها استمرار ارتفاع التضخم الغذائي في بعض الدول مقارنة بغيرها، إذ تلعب محددات محلية دورا بارزا، من بينها ضعف مواسم الحصاد، ونقص اليد العاملة في قطاع الغذاء، وموجات الجفاف، إضافة إلى سياسات حكومية مثل رفع الحد الأدنى للأجور في اليابان وزيادة الأعباء الاجتماعية في بريطانيا.
وبينما تتوقع المؤسسة البحثية أن ينخفض تضخم أسعار الغذاء في معظم الاقتصادات المتقدمة إلى حدود 2% مع نهاية عام 2026، مدفوعا بتراجع أسعار السلع الزراعية واستقرار تكاليف الإنتاج، تبقى كندا خارج هذا المسار، حيث يرجح استمرار التضخم الغذائي قرب 4%، ما يجعل الغذاء أحد أبرز مصادر الضغط التضخمي خلال المرحلة المقبلة.