اقتصادكم
كشف المندوبية السامية للتخطيط، أن الفقر المدقع في المغرب قد تم القضاء عليه عمليا، وذلك وفقا للعتبة الدولية المحددة في 1,9 دولار أمريكي للفرد في اليوم. وكشفت المندوبية أن أقل من 0,3% من سكان المغرب كانوا يعيشون تحت هذه العتبة سنة 2022، حيث بلغت النسبة 0,04% في المناطق الحضرية و0,68% في المناطق القروية، ما يمثل تقدما ملحوظا في مسار محاربة الفقر.
وفي مذكرتها التحليلية المعنونة بـ"مكافحة الفقر وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، التنمية البشرية والمساواة بين الجنسين في المغرب: الإنجازات والتحديات"، أوضحت المندوبية أن الفقر المدقع عرف انخفاضا بـ0,7 نقطة مئوية على الصعيد الوطني بين 2014 و2022، مسجلا تراجعا بـ1,3 نقطة في الوسط القروي و0,2 نقطة في الوسط الحضري، رغم الارتفاع الطفيف بين 2019 و2022.
وأكدت الهيئة الإحصائية أن هذه المؤشرات تعني أن المغرب حقق الهدف الأول من أهداف التنمية المستدامة والمتمثل في القضاء على الفقر بجميع أشكاله، مشيرة إلى أن الفقر المطلق بدوره عرف تراجعا من 15,3% سنة 2001 إلى 1,7% في 2019، إلا أن هذا الاتجاه الإيجابي شهد انتكاسة بين 2019 و2022، حيث ارتفعت نسبة الفقر المطلق إلى 3,9%، نتيجة لتداعيات اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة.
وأوردت المندوبية أن عدد الفقراء تضاعف تقريبا بين 2019 و2022، منتقلا من 623 ألف شخص إلى 1,42 مليون، بمعدل نمو سنوي متوسط قدره 33,7%. وكانت هذه الزيادة أكثر حدة في الوسط الحضري، حيث ارتفع العدد من 109 آلاف إلى 512 ألفا بمعدل 72,5%، مقابل ارتفاع أكثر اعتدالا في الوسط القروي من 513 ألفا إلى 906 آلاف بمعدل نمو سنوي قدره 22,2%.
وفيما يخص الهشاشة الاقتصادية، أوضحت المندوبية أن نسبة السكان المهددين بالفقر انخفضت من 22,7% في 2001 إلى 7,3% في 2019، لكنها ارتفعت مجددا إلى 12,9% في 2022. وربطت هذا التطور السلبي بتأثيرات جائحة كوفيد-19، والتضخم، وأزمات الجفاف المتكررة التي عرفها المغرب خلال السنوات الأخيرة.
وسجلت المندوبية أن عدد الأشخاص الضعفاء اقتصاديا ارتفع من 2,6 مليون في 2019 إلى 4,75 ملايين في 2022، أي بمعدل زيادة سنوي بلغ 23,6%. وتمركز هذا الارتفاع في المدن، حيث قفز عدد الأشخاص الضعفاء من 1,03 مليون إلى 2,24 مليون، مقابل ارتفاع أقل في القرى من 1,57 مليون إلى 2,51 مليون. وهو ما أدى إلى تحول في التوزيع الجغرافي للهشاشة، حيث بات نحو نصف الفئات الضعيفة (47,2%) يعيشون في المدن مقارنة بـ62,1% في القرى سنة 2014.
وشددت المندوبية السامية للتخطيط على أن هذا التحول يؤكد على تزايد أهمية الهشاشة الحضرية، داعية إلى إعادة توجيه السياسات العمومية لتتلاءم مع هذه الديناميات الاجتماعية الجديدة، عبر تدخلات موجهة لمعالجة الهشاشة في الوسط الحضري دون إغفال مواصلة الجهود في المناطق القروية التي لا تزال تعاني من فقر هيكلي مزمن.