اقتصادكم
أكدت نزهة حيات، رئيسة الهيئة المغربية لسوق الرساميل، أن هيئات التوظيف الجماعي للقيم المنقولة تمثل إحدى ركائز الادخار الوطني، القادرة على المساهمة في التنمية الاقتصادية للمملكة.
وأوضحت حيات، خلال ندوة نظمتها جمعية شركات التدبير وصناديق الاستثمار المغربية، حول موضوع "تدبير الأصول، رافعة لتعبئة الادخار من أجل تنمية أفضل بأفريقيا"، أن صناعة هيئات التوظيف الجماعي للقيم المنقولة تعد أيضا عنصرا أساسيا في حسن سير أسواق البورصة والسندات، مؤكدة أن شركات تدبير الهيئات السالفة الذكر تساهم في التنمية الشاملة والقارية لأسواق الرساميل.
وتوقفت، كذلك، عند التحديات التي يواجهها هذا القطاع، منها الرقمنة وظهور التكنولوجيا المالية، وأهداف التنمية المستدامة، والحاجة إلى الابتكار المستمر، وتحدي الكفاءة الذي يتطلب من المسيرين الخضوع لتكوين مستمر بهدف التكيف مع المتغيرات، فضلا عن الحاجة إلى تعبئة أكبر للمدخرات والشبكات البنكية.
وفي هذا الصدد، أكدت حيات أن الهيئة المغربية لسوق الرساميل ستواصل اتخاذ تدابير المواكبة المتعلقة بالبيداغوجية والإشراف، وتحسين وثائق المعلومات المخصصة للمستثمرين، إضافة إلى الإطلاق التدريجي لآلية التأهيل بهدف الرفع من كفاءات مسيري الأصول، والمستشارين الماليين ومديري المحافظ.
وأضافت أن القانون الجديد المتعلق بهيئات التوظيف الجماعي للقيم المنقولة سيشكل نقلة نوعية، وسيعزز استدامة تسيير الأصول وتطوير سوق الرساميل، كما سيمكن من أجرأة الموافقة الرسمية لشركات التسيير.
وفي ما يتعلق بتفعيل إدراج هيئات التوظيف الجماعي للقيم المنقولة ببورصة الدار البيضاء، سجلت حيات أنه يمثل عدة مزايا مقارنة بالهيئات التقليدية، بما في ذلك استقبال مستثمرين جدد، مشيرة إلى أن صناديق الاستثمار ساهمت بشكل كبير في تعبئة الادخار الوطني.
من جانبه، قال رضا الهلالي، رئيس جمعية شركات التدبير وصناديق الاستثمار المغربية، أن الادخار المعبأ من تدبير هيئات التوظيف الجماعي للقيم المنقولة بالمغرب يمثل 45 % من الودائع البنكية.
وأضاف أنه بعد 28 سنة من رؤيتها النور، تضم صناعة تدبير هيئات التوظيف الجماعي للقيم المنقولة اليوم 19 شركة تسيير، مع أزيد من 400 امرأة ورجل في خدمة الزبائن، منهم أكثر من 100 مهني متخصص في الاستثمار، وما يقرب من 600 هيئة توظيف جماعي للقيم المنقولة، وأصول تحت التدبير بقيمة 570 مليار درهم، وهو مبلغ تضاعف أكثر من مرتين في غضون 10 سنوات فقط.
وسجل أن تطور هذه الصناعة مكنها من أن تصبح تدريجيا ركيزة لتمويل الاقتصاد، مع ما يقرب من ثلث الرسملة العائمة على مستوى بورصة الدار البيضاء، وما يناهز نصف سندات الخزينة والديون الخاصة المتداولة، ومساهمة بنسبة 40 % في المتوسط في عمليات الإدراج بالبورصة.
وتابع بأن هذه الهيئات تمثل عدة مليارات من الدراهم من الاكتتابات والاستردادات كل أسبوع، وتساهم في أكثر من 30% من أحجام التداول في أسواق الرساميل، مذكرا بأنه على الرغم من السياق التضخمي وارتفاع أسعار الفائدة في سنة 2022، تمكن الفاعلون في هذه الصناعة من مواجهة عمليات استرداد هيئات التوظيف الجماعي للقيم المنقولة، التي بلغ مجموعها أكثر من 72 مليار درهم، من خلال توفير السيولة اللازمة.
أما بالنسبة لسنة 2023، فقد أكد الهلالي أنه تم اكتتاب مبلغ 62 مليار درهم في هيئات التوظيف الجماعي للقيم المنقولة، معتبرا أن أحد التحديات الرئيسية التي تواجه هذه الصناعة اليوم يكمن في الزيادة القليلة نسبيا في عدد المستثمرين في الهيئات المذكورة.
وأوضح أن 63 % من الأصول الخاضعة للتدبير مملوكة حاليا لمستثمرين مؤسساتيين، في حين تتم إدارة 7 % فقط لحساب مستثمرين خواص، وأن هيئات التوظيف الجماعي للقيم المنقولة لديها 30 ألف مستثمر فقط في السوق بشكل إجمالي.
وأوضح رئيس الجمعية أن من بين التحديات، كذلك، عمق أسواق الرأسمال، مع عدم وجود أكثر من 74 سهما مدرجا في بورصة الدار البيضاء، التي تحتل المرتبة الثانية من حيث الرسملة في إفريقيا، واقتصار المنتجات المالية على أدوات بسيطة نسبيا، وقاعدة زبائن دولية تتوفر على أقل من 1 في المائة من المبالغ الجارية التي يتم تدبيرها لحساب زبناء غير مقيمين.
وفي ختام هذه الندوة، تم التوقيع على ثلاث اتفاقيات شراكة بهدف تشكيل مستقبل تدبير الأصول في القارة الإفريقية بشكل جماعي، واستكشاف فرص النمو والاستثمار ذات الأهمية القصوى في تدبير الأصول على المستوى القاري.
وتتعلق الاتفاقية الأولى، التي وقعتها رئيسة الهيئة المغربية لسوق الرساميل نزهة حيات، وممثل معهد "شارترد" بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ماثيو كوان. بعملية الاعتماد الدولي لوظيفة مدير المحفظة.
أما الاتفاقية الثانية، المبرمة بين رئيس جمعية شركات تدبير هيئات التوظيف الجماعي والأصول في الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا، خوصي ديي، والسيد الهلالي، فتتمثل في وضع برنامج تعاون بهدف تعميق الفهم وتعزيز تطوير أسواق تدبير الأصول.
وبذلك، سيهم التعاون بين المؤسستين تبادل المعلومات وتطوير المعارف حول منتجات تدبير الادخار، وكذا تعزيز المعايير البيئية والمبادلات التنظيمية.
أما الاتفاقية الثالثة، المتعلق بانضمام جمعية شركات التدبير وصناديق الاستثمار المغربية إلى جمعية مديري الصناديق الإفريقية، فقد أبرمها ممثل الجمعية أديبايو أراوي والسيد الهلالي.
وقد شكلت الندوة، التي شارك فيها خبراء ومهنيون ومنظمون مغاربة ودوليون، فرصة لاستكشاف أحدث الاتجاهات في مجال إدارة الأصول، وتقييم الحصيلة الحالية وآفاق مستقبل القطاع. واختارت جمعية شركات التدبير وصناديق الاستثمار المغربية إعطاء بعد إفريقي لدورة 2023، من خلال دعوة مختلف الفاعلين في هذا القطاع بالقارة.
ومنذ إدخال أول هيئة توظيف جماعي للقيم المنقولة إلى المغرب سنة 1995، شهدت صناعة هيئات التوظيف الجماعي للقيم المنقولة نموا كبيرا، لتتموقع كأحد الفاعلين الرئيسيين في تحصيل الادخار الوطني والمساهمة في تمويل الاقتصاد. وفي الوقت نفسه، تشهد إدارة الأصول في منطقة جنوب الصحراء الكبرى بإفريقيا ازدهارا، مما يوفر فرصا كبيرة للنمو والاستثمار.