خبير يفسر أسباب إقبال الشركات العالمية على الاستثمار في صنع البطاريات في المغرب

ملفات خاصة - 22-04-2024

خبير يفسر أسباب إقبال الشركات العالمية على الاستثمار في صنع البطاريات في المغرب

اقتصادكم – سعد مفكير

 

يسعى المغرب للتمركز كأحد أبرز الفاعلين في قطاع صناعة السيارات الكهربائية مستقبلا، عن طريق فتح باب الاستثمار للشركات العالمية، وتسهيل المساطر الحكومية والإدارية وإتاحة فرص حقيقة للمستثمرين الأجانب، مستفيدا من عدة عوامل تجعله محط أنظار كبريات الشركات العالمية.

وفي الأسبوع الماضي، واصل المغرب استراتيجيته في هذا القطاع من خلال الإعلان عن إنشاء شركة "بي تي آر غروب" الصينية (BTR Group)، أول مصنع لها في الخارج لإنتاج الأقطاب الكهربائية السالبة بالمغرب. ويعد هذا المنتج مكوناً أساسياً في بطاريات السيارات الكهربائية.

الشركة الصينية، التي تُعتبر من أبرز الموردين العالميين لمواد "الأنودات والكاثودات" الخاصة ببطاريات الليثيوم أيون، توصلت إلى اتفاق، نهاية مارس الماضي، مع الحكومة هو الأول من نوعه لبناء وحدة إنتاج بـ3 مليارات درهم (300 مليون دولار)، ويتوقع أن يتم الشروع في البناء في الربع الثاني من هذا العام.

عبد الصمد الملاوي، الخبير في الطاقات المتجددة، اعتبر في حوار مع موقع "اقتصادكم" أن تسابق مجموعة من الشركات العالمية للاستثمار في مجال صنع البطاريات أو السيارات الكهربائية بصفة عامة بشراكة مع المغرب أو داخل التراب الوطني يرجع لعدة عدة أسباب، يكشف عنها الأستاذ الجامعي في هذا الحوار:

  • كيف ترى إقبال الشركات العالمية على الاستثمار في صنع بطاريات السيارات الكهربائية في المغرب، بعد قرار شركة "بي تي آر غروب" الصينية (BTR Group) تأسيس أول مصنع لها في الخارج في المغرب؟

 

إقبال الشركات العالمية على الاستثمار في صنع بطاريات السيارات الكهربائية في المغرب له عدة أسباب من أبرزها أن المملكة معروفة بالاستراتيجية الخاصة بالطاقات المتجددة وما يحوم في فلك الانتقال الطاقي بما في ذلك الهيدروجين الأخضر وصناعة السيارات الكهربائية التي تعتبر من بين الوسائل التي لها أفق جد واعد في السنوات المقبلة.

ومن بين ركائز الاستراتيجية الوطنية للطاقات المتجددة جذب الاستثمارات الدولية إلى المغرب من أجل التماشي مع الاستراتيجيات الأخرى التي سطرها من قبيل الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة 2030 التي تروم تحقيق مجموعة من الأهداف الخاصة بالتنمية المستدامة التي سطرها المغرب على المستوى الدولي والتي تهدف إلى تطوير مستوى العيش بالنسبة للمواطن وتأهيل الاقتصاد الوطني.

ويعود تسابق هذه الدول للاستثمار في المغرب نظرا لكونه أيضا في موقع استراتيجي مهم وفي مفترق الطرق التجارية العالمية وخصوصا بين أوروبا وإفريقيا، هذا الموقع بطبيعة الحال سيسهل على الشركات، التي تنوي إنتاج البطاريات الكهربائية في المغرب، الولوج إلى الأسواق الأوروبية والعالمية التي يزداد الطلب فيها على السيارات الكهربائية لنظرا للإكراهات البيئية والطاقية التي يعيشها العالم.

 

  •  بهذه الوتيرة، هل يمكن للمغرب أن يصبح من رواد صناعة السيارات الكهربائية؟ وما هي المقومات التي قد تجعل منه منصة لصناعة السيارات الكهربائية؟

 

المغرب شريك أساسي للاتحاد الأوروبي وله شراكات دولية متقدمة في هذا المجال، ولهذا يريد المغرب الاستفادة من الفرص الكبيرة التي تتيحها القوانين التي سنها الاتحاد الأوروبي التي تروم الاستثمار في الطاقات المتجددة، ليصبح من رواد صناعة السيارات الكهربائية، حيث قرر الاتحاد الأوروبي أنه انطلاقا من 2035 لا يمكنه إنتاج ولا بيع السيارات العادية، وبالتالي فإنه بات مطالبا في الإسراع من أجل إيجاد بلدان مؤهلة للاستجابة للطلب الكبير على أجزاء السيارات الكهربائية أو البطاريات بالخصوص.

وفي هذا السياق فإن المغرب عازم على السير قدما لإرساء صناعة السيارات الكهربائية، كما نعلم أننا نتوفر على بنية صناعية متطورة فيما يخص صناعة السيارات العادية، واليوم نسعى للتحول نحو جذب صناعة السيارات الكهربائية لأن الواقع يفرض ذلك علينا، ويمكن اعتبار أنه للمغرب عدد من المقومات للنجاح في هذه المهمة.

نعلم أيضا أنه لكي تستورد دول الاتحاد الأوروبي البطاريات يجب عليها أن تكون ذات إنتاج خالص من الطاقات المتجددة، لأن المفوضية الأوروبية قد سنت في أكتوبر عام 2023 حزمة من القوانين التي بموجبها ستفرض على المواد التي لا تنتج عن طريق الطاقات المتجددة رسوم وضرائب كبيرة، وبالتالي فإن السيارات وقطع الغيار التي تصنع وتصدر للاتحاد الأوروبي يجب عليها أن تكون من مصادر طاقة متجددة للحفاظ على تنافسيتها في الأسواق الأوروبية.

يتوفر المغرب كذلك على المواد الأولية لصناعة هكذا بطريات كهربائية نظيفة من قبيل الفوسفات والكوبالت والتي تدخل بشكل أساسي في صناعة البطاريات، ولذلك تعتزم مجموعة من الشركات الدولية الاستثمار في المغرب للاستفادة من هذه الفرص المتاحة، إلى جانب أن المملكة تتوفر على يد عاملة محترفة ومؤهلة سواء في صناعة السيارات أو البطاريات، ثم يمكننا الحديث أيضا عن سياسة الحكومة في تحفيز الاستثمار الأجنبي.

 

  •  ما هي التحديات التي قد تواجه المغرب في هذا الانتقال؟

 

من بين التحديات التي قد تواجه المغرب في هذا الإطار هو نقص الخبرة الكافية لإرساء هذه الصناعات الثقيلة التي تتطلب خبرة ومعرفة وتكنولوجية كبيرة، لذلك يجب على المغرب تطوير قدراته وجلب خبرات عالمية للاستفادة منها، بالإضافة إلى أن البنية التحتية للسيارات الكهربائية لا زالت ضعيفة في المغرب.

قد يواجه المغرب كذلك منافسة كبيرة في صناعة السيارات الكهربائية من طرف مصر وجنوب إفريقيا وتونس، ولذلك عليه أن يكون أكثر انفتاحا وجاذبية في هذا القطاع.

 

  • ينتظر أن تشهد الاستثمارات في قطاع صناعة البطاريات في المغرب قفزة كبيرة بعد قرار تأسيس أول منطقة صناعية جديدة على مساحة 283 هكتاراً واستثمارات أولية بقيمة مليار درهم، كيف سيؤثر هذا على الاقتصاد الوطني؟

 

سيساعد هذا الانفتاح على خلق مجموعة من مناصب الشغل وتأهيل باب الطاقات المتجددة، وتسريع الانتقال الطاقي وتعزيز القدرات الاقتصادية للبلاد وتنويع مصادر الدخل لتقوية الاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى سعي المغرب إلى تنويع الشركاء الدوليين خاصة الشركاء ذوي قوة اقتصادية وسياسية كبرى من خلال مبدأ رابح-رابح للدفاع عن مصالحه العليا وأساسا القضية الوطنية وكذلك ليكون للمغرب كلمة للمنتظم الدولي، ولهذا يأتي هذا الاستثمار الصيني في إطار التقارب المغربي الصيني.