اقتصادكم
وضع المركز المغربي ريادة للدراسات والتكوين المنظومة الصحية أمام اختبار النجاعة الاقتصادية، معتبرا أن التحول الرقمي لم يعد خيارا تقنيا بل مدخلا أساسيا لإصلاح اختلالات الحكامة وضبط كلفة العلاج، وفي مذكرة مرفوعة إلى وسيط المملكة، شدد المركز على أن غياب رؤية رقمية مندمجة يساهم في هدر الموارد، ويحد من شفافية تدبير المرفق الصحي، ويضعف مردوديته الاجتماعية والمالية.
وأشار التقرير إلى أن تشتت أنظمة المعلومات الصحية وغياب ملف صحي رقمي موحد يترجمان إلى ارتفاع غير مبرر في النفقات العمومية، نتيجة تكرار الفحوصات والخدمات العلاجية، وصعوبة تتبع المسار الطبي للمرضى، هذا الوضع، وفق المركز، لا يؤثر فقط على جودة التكفل، بل يثقل أيضا كاهل ميزانية الدولة وصناديق التأمين الصحي، ويضعف القدرة على توجيه التمويل نحو الأولويات الفعلية.
واعتبرت المذكرة أن استمرار الاعتماد على المساطر الورقية يكرس بطء الأداء الإداري ويحد من إنتاج معطيات دقيقة قابلة للاستثمار في التخطيط الصحي، وأكدت أن غياب قواعد بيانات موحدة يحرم صناع القرار من أدوات تحليل مالي وصحي قادرة على تقييم مردودية الإنفاق العمومي، وضبط الاختلالات المجالية، وتحسين تخصيص الموارد البشرية والتجهيزية.
وفي هذا السياق، اقترح المركز إحداث منصة وطنية رقمية موحدة للمواعيد والملف الصحي، باعتبارها استثمارا هيكليا ذا عائد اقتصادي واجتماعي مرتفع، وهذه المنصة، حسب التصور المقترح، ستسمح بتقليص آجال الانتظار، وتحسين استغلال البنية الاستشفائية، وتعزيز مراقبة النفقات الصحية، إضافة إلى تمكين السلطات من تتبع المؤشرات الصحية والمالية في الزمن الحقيقي.
ودعا التقرير إلى توظيف الذكاء الاصطناعي والطب عن بعد كأدوات استباقية لتقليل كلفة الأزمات الصحية وتحسين العدالة المجالية في الولوج إلى العلاج، مستحضرا تجارب دولية أثبتت أن الرقمنة الصحية رافعة لإعادة هيكلة التمويل الصحي وضبط التكاليف، وخلص المركز إلى أن الاستثمار في التحول الرقمي ليس عبئا على الميزانية، بل خيارا استراتيجيا لتحسين كفاءة الإنفاق العمومي وبناء نظام صحي أكثر استدامة وإنصافا.