شركة ألمانية تدرس جدوى النفق البحري وخبير يبسط التأثيرات الاقتصادية والجيوسياسية

آخر الأخبار - 27-01-2025

شركة ألمانية تدرس جدوى النفق البحري وخبير يبسط التأثيرات الاقتصادية والجيوسياسية

اقتصادكم - سعد مفكير

 

اختارت إسبانيا شركة ألمانية متخصصة لتنفيذ دراسة الجدوى التقنية على مشروع النفق البحري الذي سيربطها المغرب عبر مضيق جبل طارق.

وذكر موقع Arabian Gulf Business Insight أن شركة “SECEGSA” الإسبانية، التي تأسست عام 1981 لتطوير المشروع، كلفت فرع شركة “هيرنكنيشت” الألمانية لتنفيذ دراسة الجدوى التقنية، حيث قال متحدث باسم “هيرنكنيشت” إن “مضيق جبل طارق يشكل تحديًا كبيرًا لحركة البضائع والمسافرين بين شمال إفريقيا وأوروبا، وأن النفق المقترح سيسهم في تحسين كفاءة النقل عبر هذه المنطقة الحيوية”.

تحديات وآفاق جديدة للتعاون بين المغرب وإسبانيا

ومن جهته اعتبر المحلل الاقتصادي علي الغنبوري أن مشروع الربط القاري بين المغرب وإسبانيا يُعد من أكثر المبادرات طموحا واستراتيجية في المنطقة، ويهدف إلى إنشاء نفق تحت مضيق جبل طارق لربط القارة الإفريقية بالقارة الأوروبية، مما سيشكل جسرا بريا-بحريا بين الشمال والجنوب.

وأضاف، في حديثه مع موقع "اقتصادكم"، أن النفق المقترح يمتد على مسافة تتراوح بين 28 و38 كيلومترا، وبعمق يصل إلى 300 متر تحت سطح البحر، وتكمن أهميته الاستراتيجية في تعزيز التكامل بين القارتين، حيث سيوفر رابطا مباشرا بين أوروبا وإفريقيا، مما يسهم في تعزيز التعاون الاقتصادي والاجتماعي، ويضع المغرب في مركز شبكة التجارة الدولية، كما يتوقع أن يحدث المشروع نقلة نوعية في حجم التبادل التجاري بين إفريقيا وأوروبا، من خلال تسهيل حركة البضائع والسلع، مما سيقلل من تكاليف النقل ويزيد من سرعة تدفق السلع عبر القارتين، وسيوفر المشروع بنية تحتية استراتيجية تسهم في تنشيط الاقتصادين المغربي والإسباني، كما سيرسخ المشروع موقع المغرب كبوابة رئيسية لإفريقيا، ويعزز دوره كمحور أساسي للتجارة الدولية، كما سيساهم بلا شك في تعزيز الاستقرار في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، فهذا المشروع ليس مجرد نفق بل هو رؤية متكاملة للتنمية الشاملة تربط بين القارات، وتفتح آفاقًا جديدة لعصر من التعاون الإقليمي والعالمي.

وأشار إلى أن الدراسة الحالية التي أطلقتها إسبانيا تعد خطوة استباقية تهدف إلى استكشاف التحديات التقنية المرتبطة بإنشاء النفق تحت مضيق جبل طارق، وهي من تنفيذ "الشركة الإسبانية لدراسات الربط الثابت عبر مضيق جبل طارق" (Secegsa)، وقد أُسندت هذه المهمة إلى شركة "Herrenknecht Ibérica"، المتخصصة في تقنيات حفر الأنفاق، بتكلفة تقدر بـ296,400 يورو، وتركز الدراسة على تحليل الجوانب التقنية المعقدة لعملية الحفر، مثل الضغط المائي وطبيعة التربة والخصائص الجيولوجية للمضيق.

إجراء استباقي إسباني 

رغم أهمية هذه الدراسة، فقد أوضحت "الشركة الوطنية لدراسات مضيق جبل طارق" (SNED) المغربية أن هذه المبادرة الإسبانية ليست جزءا من العمل المشترك الذي ينتظر اعتماده بشكل رسمي بين المغرب وإسبانيا، بل تعد إجراء استباقيا من الجانب الإسباني في إطار التحضير لخطة العمل المستقبلية التي ستناقش وتعتمد لاحقا من قبل اللجنة المختلطة المغربية-الإسبانية، والتي تعد الجهة الرسمية المسؤولة عن تنسيق المشروع.

ويتوقع أن تعمل اللجنة المختلطة على وضع خطة عمل مشتركة تأخذ بعين الاعتبار جميع الجوانب الفنية والاقتصادية والقانونية للمشروع، حيث سيتم تحديد الخطوات المقبلة بناء على نتائج الدراسات التي ستنفذ بشكل مشترك لضمان توافقها مع المصالح الاستراتيجية للبلدين، هذا التحليل الاستباقي من الجانب الإسباني يمكن أن يوفر بيانات مهمة تساهم في تسريع وتيرة التحضيرات بمجرد اعتماد الخطة المشتركة، كما يبرز الطابع الاستراتيجي لهذا المشروع وأهمية التخطيط الدقيق لتجاوز التحديات التقنية والهندسية المعقدة.

وتقدر الميزانية الإجمالية لإنجاز مشروع الربط القاري بين المغرب وإسبانيا بحوالي 6 مليارات دولار أمريكي ويمكن أن تصل الى 10 مليارات ، مع مدة إنجاز قد تتراوح بين 5 و10 سنوات ، ويعتبر هذا المشروع من بين أكثر المبادرات طموحا في المنطقة، نظرا لأبعاده الاقتصادية والاجتماعية والجيوسياسية التي تعزز مكانة المغرب وإسبانيا على الساحتين الإقليمية والدولية.

تأثيرات اقتصادية واجتماعية وجيوسياسية 

من الناحية الاقتصادية، يتوقع أن يحدث المشروع نقلة نوعية في حركة التجارة بين إفريقيا وأوروبا، حيث سيسهم في تسهيل تدفق السلع والبضائع بشكل أسرع وأكثر كفاءة، مما يؤدي إلى تقليل تكاليف النقل وتعزيز القدرة التنافسية للمنتجات، ومن شأن المشروع أن يضاعف حجم التبادل التجاري بين القارتين، خاصة من خلال تعزيز الربط اللوجستي بين الأسواق الأوروبية والأسواق الإفريقية، مع تركيز خاص على دول غرب إفريقيا، التي تعد من بين أكثر المناطق ديناميكية على الصعيد التجاري في القارة.

أما من الناحية الاجتماعية، حسب المتحدث ذاته، فمن المتوقع أن يوفر المشروع آلاف فرص العمل خلال مختلف مراحله، بدءا من التصميم والهندسة، مرورا بالبناء، وصولا إلى التشغيل والصيانة، حيث ستساهم هذه الفرص في تحسين الأوضاع الاقتصادية لعدد كبير من الأسر في المغرب وإسبانيا، إلى جانب ذلك سيعزز المشروع الروابط الثقافية والإنسانية بين شعبي البلدين، مما يسهم في بناء جسور من التفاهم والتكامل الاجتماعي، كما أن تسهيل حركة الأفراد عبر النفق سيتيح فرصا أكبر للتبادل الثقافي والسياحي، مما يُعزز العلاقات الثنائية على مستوى الشعوب.

ومن الناحية الجيوسياسية، يعد هذا المشروع خطوة استراتيجية لترسيخ دور المغرب كبوابة رئيسية لإفريقيا، ومحور أساسي للتجارة الدولية، مما سيعزز مكانته في المبادرات التنموية الإقليمية والعالمية، كما أنه يبرز الشراكة القوية بين المغرب وإسبانيا، التي تعتبر نموذجا للتعاون بين الشمال والجنوب، وبالإضافة إلى ذلك، فإن المشروع يعزز من استقرار منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، باعتبارها منطقة حيوية للتجارة والتبادل بين القارات.