اقتصادكم
في غمرة الاحتجاجات والتوتر الذي يطبع العلاقة بين المحامين والحكومة بسبب قضية الضرائب، وجه محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، كلمة حبلى بالرسائل للمحامين بمناسبة انعقاد أشغال المؤتمر الثاني والثلاثين لهيئات المحامين بالمغرب، الملتئم بالداخلة، تحت شعار: «المحاماة بالمغرب، نضال وطني مستمر، أمن مهني ملحّ، وانتماء إفريقي دائم».
وقال عبد النباوي مخاطبا المحامين: «أناشدكم السيد رئيس جمعية هيئات المحامين وأعضائها، والسادة نقباء الهيئات ومجالسها، وكافة المحاميات والمحامين، بتغليب المصلحة العامة، ومراعاة حقوق ومصالح موكليكم، ومعالجة الأزمة الحالية بالتعقل والحكمة والالتزام بأحكام القانون المتعلقة باستمرار الخدمات والمساهمة في الجلسات والإجراءات القضائية».
وأضاف: «أكيد أنكم ستجدون وسائل أخرى قانونية وشرعية للدفاع عن مصالح المنتسبين للمهنة دون الإضرار بمصالح الأطراف الذين تُمثلونهم، أو الإضرار بسير نظام العدالة»، معتبرا هذه المناشدة «همسة من أحد زملائكم المتشبث برِفعة رسالة المحاماة ونبلها، والمتأكد من أن المحامين والمحاميات قادرون عن الدفاع عن مصالحهم بوسائل أخرى لا تضر بحقوق المتقاضين الذين ائتمنوهم على مصالحهم. وهذا ليس غريباً على أصحاب البذلة السوداء الذين ينالون الحقوق عن طريق مرافعاتهم المستندة لنصوص القانون ومذكراتهم المتضمنة للدفوع المقْنعة والوسائل المفحمة».
وتابع الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية «أرجو أن يسجل التاريخ غدا، المواقف المشرفة لحكماء المهنة، وقدمائها ونقبائها، وأن يذكر تعقل شباب المهنة وكافة المحامين والمحاميات في تدبير الأزمة باحترام للقانون، والحرص على السير السليم للمرفق القضائي، وعلى حقوق الأطراف. وليس ذلك بعزيز على محامين من طينة المحامي المغربي، المعروف بوطنيته، والتزامه بالقانون وبأخلاق المهنة»، في مناشدة واضحة منه للمحامين بالعدول عن مقاطعة الجلسات.
وأفاد عبد النباوي، بأن مؤتمر هيئات وجمعيات المحامين يَنْعقد في سياق «تحولات كبرى تشهدها منظومة العدالة، لأن المرحلة تعرف تأسيس السلطة القضائية باعتبارها السلطة الثالثة في الدولة. وهي بذلك مرحلة بناء هياكل جديدة، ونقل السلط من جهات لأخرى، وتنظيم العلاقات بين السلطات. وهي – بطبيعة الحال – قرارات، وإن كانت تخضع للدستور، فإن تنزيلها يتطلب الكثير من الحكمة والتعاون وتغليب المصلحة العامة».
وزاد موضحا أن منظومة العدالة خلال هذه المرحلة ستتأثر بـ »التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي يعرفها العالم اليوم. وهي تحولات يصعب تدبيرها، وتقتضي الالتفاف حول مقدساتنا، والتمسك بشعارنا الخالد : "الله، الوطن، الملك". والحفاظ على وحدتنا وراء جلالة الملك».
وشدد عبد النباوي على أن المغرب إذا كان قد قطع، أشواطاً مهمة في ورش إصلاح القضاء وتأهيله، فإن استكمال هذا الورش «مازال يتطلب قطع أشواط أخرى بالنسبة لكافة مكونات العدالة، في مجالات متعددة ولاسيما التنظيم والتقنين والهيكلة والحكامة. وكذلك في مجالات التكوين والتخليق وربط المسؤولية بالمحاسبة، والرقمنة والتخصص وغيرها».
كما سجل في الكلمة ذاتها، بأن محور منظومة العدالة هو القضاء، الذي يجب أن يكون «مستقلا ومحايداً ونزيهاً وعادلاً لكي يكسب ثقة المتقاضين. وهو لن يكون كذلك بدون انخراط مهن العدالة في هذا البناء المتماسك الذي لا يحتمل سَقفُه الشروخ ولا أساسه الفراغات. وعلى رأس مهن العدالة المعنية بالانخراط في مسلسل إصلاح منظومة العدالة الذي يقوده جلالة الملك، مهنةُ المحاماة».