اقتصادكم
بعد انطلاق الإصلاح الواسع والمعقد لضريبة القيمة المضافة (TVA) في عام 2024، تواصل الحكومة جهودها في تحديث النظام الضريبي من خلال مشروع قانون المالية لعام 2025.
ويقدم هذا الإطار الجديد تعديلات هامة على النظام الضريبي بهدف الاستجابة بشكل أفضل للتحديات الاقتصادية الحالية، وتعزيز العدالة الضريبية، ودعم طموحات التنمية المستدامة للمملكة، ومن بين أبرز الإعلانات، تبرز إقامة نظام لتحديد المنتجات النفطية كأولوية.
وتهدف هذه التدابير إلى تحسين تتبع الهيدروكربونات، وهو قطاع حساس للغاية من الناحية الضريبية، ومكافحة التهرب الضريبي بفعالية وتحسين الإيرادات الجمركية، مع الاستعداد لمواجهة التحديات المتعلقة بأمن الطاقة. ومن بين المستجدات الأخرى المهمة، فرض ضريبة على الكربون، هي الأولى من نوعها في المغرب.
أصبحت الضرائب البيئية، التي كانت تُعتبر لفترة طويلة هامشية، في قلب النظام الجمركي، حيث تعكس هذه التدابير إرادة الحكومة في تشجيع اقتصاد أكثر استدامة وزيادة وعي الشركات بالقضايا المناخية، بما يتماشى مع الالتزامات الدولية للمغرب في مجال الاستدامة.
وفي نفس السياق، يستمر العمل على وضع إطار تنظيمي لمهني المعادن الثمينة لضمان تتبع سلسلة القيمة. كما سيدعم إصلاح قانون تحصيل الديون العامة (CRCP) الخزينة العامة للمملكة لتحسين جمع الإيرادات العامة.
إعادة النظر في ضريبة الدخل من أجل المزيد من العدالة
وعلى صعيد آخر، تظل الإصلاحات الكبرى المنتظرة لعام 2025 تتمثل بلا شك في إصلاح ضريبة الدخل (IR). في أعقاب الاتفاق الذي تم التوصل إليه في أبريل 2024 خلال الحوار الاجتماعي، تلتزم الحكومة بتعزيز القدرة الشرائية، وخاصة للطبقات المتوسطة. تتضمن إعادة هيكلة ضريبة الدخل، ورفع الحد الأقصى للإعفاء الضريبي من 30,000 إلى 40,000 درهم سنوياً، مما يعفي الدخل الشهري حتى 6,000 درهم. ستساعد هذه التدابير في تخفيف العبء عن شريحة واسعة من السكان، وتخفيف الضغط الضريبي الذي غالباً ما يُعتبر غير متناسب.
سترافق هذه الإصلاحات إعادة ضبط الشرائح الضريبية، بهدف تقليل المعدلات المفروضة على الدخل المتوسط، حيث تمثل هذه الخطوة تخفيضاً بنسبة حوالي 50% من المعدلات الحالية، مما يوفر منفذا جديدا للطبقة المتوسطة.
بالإضافة إلى ذلك، سيتم خفض المعدل الهامشي لضريبة الدخل من 38% إلى 37%، وسيتم رفع مبلغ الإعفاء الضريبي عن الأعباء الأسرية إلى 500 درهم لكل معال، مقابل 360 درهماً حالياً. وتمثل هذه التدابير استجابة لدعوات تحسين الأخذ بعين الاعتبار وزن الأعباء الأسرية في حساب الضريبة.
القطاع غير المهيكل: التحدي المستمر
يؤكد مشروع قانون المالية 2025 أيضاً التزام الدولة بمكافحة التهرب الضريبي ودمج القطاع غير المهيكل. فمنذ عام 2022، تم اتخاذ إجراءات لتحسين الإطار القانوني والمؤسسي، بهدف ضمان المزيد من العدالة الضريبية ومواصلة هذه الجهود يعتبر أمرا حيويا لتعزيز ثقة المساهمين، مع تعبئة كامل الإمكانات الضريبية للمملكة.
يعكس مشروع قانون المالية 2025 طموحاً واضحاً: تحديث النظام الضريبي مع الاستجابة للاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية. ومن المتوقع أن تؤثر إعادة هيكلة ضريبة الدخل، مع تدابير جمركية أكثر استهدافاً، بشكل كبير على القدرة الشرائية للأسر المغربية. أما ضريبة الكربون، فإنها تمثل تحولاً نحو نظام ضريبي أكثر صداقة للبيئة، وتضع المغرب في سياق الجهود الدولية لمكافحة التغير المناخي.