اقتصادكم-إيمان البدري
كشفت دراسة صادرة عن ماستر كارد، أن نسبة كبيرة من الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم في المغرب لا تعتمد بعد على المدفوعات الرقمية، رغم أن هناك اعترافًا واضحًا بفوائدها المحتملة.
وأوضحت الدراسة، أن حوالي 77% من الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم بالمغرب ، لا توفر خدمة الدفع الالكتروني للزبناء. مشيرة إلى أن التحول نحو المعاملات غير النقدية يمكن أن يسهم في خفض مخاطر الاحتيال، وتسريع تحصيل الإيرادات، وزيادة الثقة في هذه الشركات من قبل الهيئات الحكومية والمؤسسات المالية.
وكشف أمين سامي، خبير الاستراتيجية وقيادة التغيير للشركات والمؤسسات في تصريح لـ " اقتصادكم "، عن الأسباب الرئيسية لعدم اعتماد هاته الشركات على الدفع الإلكتروني ، قائلا :" لفهم هذا الواقع بشكل أعمق، يجب النظر في العلاقة بين الاعتماد على النقد (الكاش)، وانتشار القطاع غير المهيكل، وجهود التحول الرقمي في المغرب، فاليوم الدولة واعية تمام الوعي بأهمية التحول الرقمي وتقليل تداول الكاش، وتعزيز أنظمة الدفع الإلكتروني"، وتقوم بمجهودات كبيرة وجبارة في هذا المجال وهذا ايجابي جدا، ولكن في المقابل هناك تحديات يجب مواجهتها بكل جدية وحزم أبرزها:
. حجم القطاع غير المهيكل: حيث يُقدر حجم الاقتصاد غير المهيكل في المغرب بحوالي 30% من الناتج الداخلي الإجمالي. هذا القطاع يعتمد بشكل كبير على المعاملات النقدية لتفادي الرقابة الضريبية والتنظيمية.
. التعامل النقدي كوسيلة للتخفي: يفضل العديد من العاملين في القطاع غير المهيكل استخدام النقد لتجنب التتبع المالي والضرائب، مما يسهل عليهم العمل خارج الأطر القانونية والرسمية.
.المخاوف من المراقبة الضريبية: حيث يفضل بعض أصحاب الأعمال التعامل النقدي لتجنب الكشف الكامل عن مداخيلهم للجهات الضريبية.
. نقص الوعي والثقة في أنظمة الدفع الرقمية: تُعتبر قلة المعرفة والفهم الكافي لتقنيات الدفع الإلكتروني حاجزًا أمام تبني هذه الوسائل.
. التكلفة المرتفعة للعمولات البنكية: حيث يشير بعض التجار إلى أن العمولات المفروضة على عمليات الدفع الإلكتروني تُعتبر مرتفعة، مما يقلل من هامش الربح ويجعلهم يترددون في اعتماد هذه الوسائل.
. نقص وضعف البنية التحتية التقنية: حيث يساهم ضعف جودة خدمات الإنترنت في بعض المناطق يعيق استخدام أنظمة الدفع الإلكتروني.
وشدد الخبير، على ضرورة تجاوز هذه التحديات، وتعزيز ثقافة الدفع الإلكتروني لما لها من إيجابيات على تعزيز فرص النمو الاقتصادي للبلاد، ولما أيضا من تحقيق للشفافية الاقتصادية والعدالة الضريبية مما سيساهم في تحقيق التنمية الترابية وتعزيز العدالة المجالية الضريبية.
وأكد سامي لـ"اقتصادكم"أن التحول نحو الدفع الإلكتروني، سيساهم في استفادة الشركات الصغيرة والمتوسطة من عدة مزايا، أهمها : تقليل مخاطر الاحتيال حيث توفر أنظمة الدفع الإلكتروني سجلات رقمية لكل معاملة، مما يقلل من احتمالية التلاعب أو السرقة، كما سيساعد في تسريع الوصول إلى الإيرادات، إذ تُسهل المدفوعات الرقمية عمليات التحصيل وتقلل من الوقت المستغرق لاستلام الأموال، فضلا عن تعزيز المصداقية، وذلك من خلال استخدام وسائل الدفع الحديثة يعزز ثقة العملاء والشركاء والجهات الحكومية في الشركة.
واعتبر سامي، أن عدم اعتماد الدفع الإلكتروني سيكون له تأثير كبير على قدرة الشركات على التوسع والتنافس في السوق، خاصة أن المنافسة اليوم أصبحت قوية أكثر من أي وقت مضى، وبالتالي التأخر في التحول نحو الدفع الإلكتروني، سيضيع العديد من الفرص الاقتصادية والتكنولوجية منها :
. تقييد فرص النمو: عدم تقديم خيارات دفع مرنة قد يؤدي إلى فقدان شريحة من العملاء المحتملين الذين يفضلون الدفع الإلكتروني.
. زيادة التكاليف التشغيلية: التعامل النقدي يتطلب إدارة وحماية الأموال بشكل مستمر، مما يزيد من الأعباء التشغيلية.
.ضعف التنافسية: في ظل التحول الرقمي العالمي، قد تجد الشركات التي لا تعتمد على الدفع الإلكتروني نفسها متأخرة عن المنافسين الذين يوفرون تجارب شراء أكثر سلاسة وتنوعًا.
ويرى سامي أن التأخر في تطوير وتنزيل التكنولوجيا المالية، خاصة أن هذا المجال يعتبر من القطاعات الواعدة والمستقبلية التي يركز عليها المغرب مستقبلا، وبالتالي يجب العمل على تشجيع الشركات الناشئة على تطوير حلول أنظمة دفع إلكترونية مرنة، وتشجيع الاستثمارات في هذا المجال، وتشجيع انخراط المقاولات الصغيرة والمتوسطة لدخول هذا الغمار مع تقديم امتيازات وحوافز ضريبية للشركات.
لتعزيز اعتماد الدفع الإلكتروني، ينصح الخبير، بتقديم برامج توعية وتدريب لأصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة حول فوائد هذه الأنظمة، بالإضافة إلى تقديم حوافز وتقليل التكاليف المرتبطة بها.
وخلص إلى أن التحول نحو الدفع الإلكتروني في المغرب ضرورة اقتصادية لتحقيق مزيد من الشفافية، وتقليل التهرب الضريبي، وتعزيز الاندماج المالي. مبرزا أنه يتطلب الأمر مزيجًا من التحفيزات الحكومية، التطوير التكنولوجي، والتوعية العامة لضمان انتقال سلس نحو اقتصاد رقمي أكثر تكاملًا.