اقتصادكم - حنان الزيتوني
في وقت تتسارع فيه التحولات الاقتصادية وتزداد فيه الضغوط على ميزانيات الدول، يبدو أن المغرب يسير بخطى ثابتة نحو تعزيز موارده الذاتية، خاصة من خلال تحصيل إيرادات جمركية قوية تدعم الاستقرار المالي وتوفر هامشا أوسع لتمويل المشاريع الكبرى.
لكن، ما الذي يقف فعليا وراء هذا الارتفاع اللافت في العائدات الجمركية؟ وهل يمكن التعويل عليه مستقبلا كأحد روافد التمويل الاستراتيجي للدولة؟
أسباب متعددة
وفي هذا السياق، يرى المحلل الاقتصادي محمد أفزاز أن نمو الإيرادات الجمركية يمثل "دعامة أساسية" لخزينة الدولة، خصوصا في ظل تنامي الحاجيات الاجتماعية والاقتصادية التي تفرضها المرحلة. ويضيف أن أهمية هذه الإيرادات تتضاعف مع اقتراب استضافة المغرب لنهائيات كأس العالم 2030، إلى جانب إسبانيا والبرتغال، وهو حدث استثنائي يستدعي تعبئة مالية كبرى لإطلاق مشاريع بنيوية ضخمة.
وتشمل هذه المشاريع، بحسبه، توسيع وتحديث البنية التحتية، من طرق ومطارات وملاعب وشبكات سكك حديدية، مما يعزز دينامية السوق الداخلي ويرفع الطلب على السلع المستوردة، وبالتالي يحفز نمو العائدات الجمركية.
وأضاف أفزاز، في اتصال مع موقع اقتصادكم، أن تحسن أداء العائدات الجمركية يخفف من الضغط على مالية الدولة، عبر تقليص الاعتماد على التمويل الخارجي والاقتراض، سواء بالعملة المحلية أو الأجنبية، وإن كان ذلك بشكل جزئي.
ويرى أن هذا التحسن يعزى إلى عدة عوامل متداخلة، من أبرزها تراجع سعر صرف الدولار مقابل الدرهم، ما جعل الواردات أكثر جاذبية، إضافة إلى استقرار أسعار النفط عند مستويات معتدلة مقارنة بسنوات الذروة، ما شجع على رفع كميات الاستيراد، سواء للاستهلاك أو لأغراض التخزين.
طلب متنامي
وأشار المحلل ذاته إلى أن الطفرة الاقتصادية التي يشهدها المغرب، بفضل المشاريع الكبرى وانتعاش قطاعات محورية على غرار صناعة السيارات والطيران، ساهمت في زيادة الطلب على المواد الأولية والسلع الوسيطة، وبالتالي في رفع وتيرة الواردات الجمركية.
كما لفت إلى أن ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية الأساسية، مثل السكر والقمح، والتي يعتمد المغرب على استيرادها بشكل كبير، ساهم أيضاً في رفع قيمة الرسوم الجمركية المفروضة، ما عزز من عائدات الدولة في هذا الجانب.