الإصلاح الضريبي في المغرب: ترسيخ مكاسب ورش وطني كبير

الاقتصاد الوطني - 10-11-2025

الإصلاح الضريبي في المغرب: ترسيخ مكاسب ورش وطني كبير

اقتصادكم 

 

بعد خمس سنوات على إطلاقه، بدأ ورش الإصلاح الضريبي الشامل بالمغرب يعطي ثماره بوضوح، فحسب معطيات وزارة الاقتصاد والمالية، ارتفعت إيرادات الخزينة العامة بـ100 مليار درهم منذ سنة 2020، لتنتقل من 199 مليار درهم إلى 299 مليار درهم سنة 2024، مع توقع بلوغها 370 مليار درهم في أفق 2026، أي ما يمثل قرابة 19٪ من الناتج الداخلي الخام مقابل 17.4٪ سنة 2020 — وهي نسبة غير مسبوقة في تاريخ المالية العمومية للمملكة.

تحول هيكلي في النظام الجبائي

أُطلقت هذه الإصلاحات سنة 2021 في إطار مراجعة شاملة لمنظومة المالية العامة، وها هي تدخل مرحلتها النهائية. وتعكس هذه الدينامية نجاح الإصلاحات المهيكلة لثلاثة ركائز أساسية في النظام الجبائي: الضريبة على القيمة المضافة (TVA)، والضريبة على الشركات (IS)، والضريبة على الدخل (IR).

وقال محمد شوكي، رئيس الفريق النيابي لحزب التجمع الوطني للأحرار، خلال اجتماع لجنة المالية بمجلس النواب، إن "الإصلاح الضريبي أثبت نجاعته، رغم معارضة البعض له في البداية"، مشيراً إلى أن "نتائجه الملموسة اليوم تؤكد صواب اختيارات الحكومة".

الأرقام تعزز هذا التقييم: فقد ارتفعت إيرادات الضريبة على الشركات من 48.8 مليار درهم سنة 2020 إلى 70 مليار درهم في 2024، والضريبة على القيمة المضافة من 56 إلى 89 مليار درهم (+59٪)، بينما بلغت إيرادات الضريبة على الدخل حوالي 60 مليار درهم، بفضل تحسين التحصيل وتوسيع القاعدة الجبائية.

تراجع الإعفاءات وتعزيز الشفافية

أحد أبرز نتائج الإصلاح هو الحد من الإعفاءات الضريبية، التي طالما اعتُبرت من نقاط ضعف المنظومة. فقد تراجع حجمها من 36.9 مليار درهم سنة 2023 إلى 32.1 مليار درهم سنة 2024، أي بانخفاض يناهز 13٪.

كما ساهم تعميم المساهمة المهنية الموحدة (CPU) وتبسيط الإجراءات في رفع معدل الالتزام الطوعي لدى المهنيين والتجار، وخاصة في القطاع غير المهيكل.

من جهته، أوضح عبد العزيز لحلو، مدير قسم الاقتصاد في مجموعة "التجاري غلوبال ريسيرش"، أن "توسيع الوعاء الجبائي ترافق مع ارتفاع ملحوظ في المداخيل غير الجبائية، التي بلغت 4.4٪ من الناتج الداخلي الخام، ما يعكس متانة المالية العمومية".

توجيه المكاسب نحو الأولويات الاجتماعية

أكد فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، أن الموارد الإضافية الناتجة عن الإصلاح تم إعادة استثمارها بالكامل في البرامج الاجتماعية.

فقد تم تخصيص 45 مليار درهم لتنفيذ التزامات الحوار الاجتماعي، و35 مليار درهم للدعم المباشر للأسر الهشة، إضافة إلى 19.5 مليار درهم لتمويل تعميم التغطية الصحية.

وأشاد صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي بالتقدم الكبير الذي أحرزه المغرب في حكامة المالية العامة. وأكد تقرير PEFA الأخير حول شفافية الأداء المالي قوة الإطار المؤسساتي المغربي واستدامة إصلاحاته.

وفي ما يتعلق بالديون، طمأن محمد شوكي الرأي العام قائلاً:"المغرب لا يواجه أي خطر على مستوى الدين الخارجي، الذي يظل في معظمه بشروط تفضيلية ولا يمثل سوى ربع دين الخزينة".

وقد شهد شهر مارس 2025 إصدار المغرب لسندات يوروبوند بقيمة 2 مليار يورو، هي الأولى منذ 2020، حيث فاقت طلبات الاكتتاب 11 مليار يورو، في إشارة قوية إلى ثقة الأسواق العالمية في الاقتصاد المغربي.

ورغم هذه النتائج المبهرة، لا تزال بعض التوازنات الماكرو اقتصادية تحت الضغط، خصوصاً كتلة الأجور العمومية التي تمثل نحو 11٪ من الناتج الداخلي الخام، ونفقات المقاصة التي استقرت في حدود 17 مليار درهم. كما تطرح التحولات الديموغرافية – من تباطؤ نمو السكان وتسارع الشيخوخة – تحديات جديدة أمام استدامة نظام التقاعد وتمويل الصحة العمومية.

بعد خمس سنوات من انطلاقه، يبرز الإصلاح الضريبي كأحد أنجح الأوراش الهيكلية للعقد الأخير. فقد ساهم في توسيع الوعاء الضريبي، وترشيد النفقات، وتعزيز العدالة الجبائية. ويبقى التحدي الآن في ترسيخ المكتسبات ومواصلة تبسيط النظام الضريبي وضمان توجيه فعال للحوافز بما يخدم التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة.

عن "Finances news hebdo " بتصرف